تمر الهند بواحدة من أحلك لحظاتها منذ الاستقلال، وذلك بالتزامن مع تفشي الموجة الجديدة من جائحة كورونا في الهند بسرعة مذهلة.
وتسجل الهند بشكل يومي أرقاما قياسية بعدد الإصابات بمئات الآلاف، وآلاف الضحايا يوميا، مع ترجيح أن الأرقام الفعلية أكبر من تلك التي يتم الإعلان عنها، وسط تفشي السلالة الهندية الجديدة.
من المتهم في هذه الموجة من جائحة كورونا في الهند ؟
اتُهم رئيس الوزراء ناريندرا مودي وحكومته بتفاقم الأزمة من خلال عدم الاستعداد بعد الانخفاض الحاد في عدد الحالات.
حيث كانت الحكومة قد تفاخرت بعد انخفاض أعداد الضحايا في وقت لاحق من هذه السنة، وذلك حينما قالت:
“الهند تشهد نهاية لعبة الوباء.”
إلا أن الهند اليوم، تشهد بكل مفاصلها الاجتماعية والاقتصادية والجغرافية، كارثة صحية تضرب الجميع.
وهي الكارثة التي تتفاقم بشكل كبير، مع انخفاض المواد والأدوات الصحية اللازمة لمواجهتها.
وهو ما يؤدي بالتالي إلى عرقلة تعافي الاقتصاد الهندي الذي كان الأسرع نموا في العالم.
إليكم قصص أربعة أشخاص يواجهون الأزمة وفقا لما جاءت به صحيفة الفاينانشال تايمز:
القصة الأولى: الهند لم تتعلم من أخطاء إهمال القطاع الصحي فيها!
تقول أبارنا هيغدي، طبيبة في مومباي:
“إن جناح مستشفى Coma الحكومي، كان يتسع لستين مريضا، ومع ارتفاع عدد الحالات وصلت الأعداد إلى أكثر من مئة.”
كما قالت الطبيبة بأن الضغط على المستشفيات كشف نقص الاستعداد، والإهمال المزمن في القطاع الصحي الذي لا يلقى دعما ماديا سوى 1% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي.
وأضافت:
“نحن لا نتعلم من أخطائنا على الإطلاق”.
أما عن القصة المرعبة التي لديها، فتقول:
“لم أكن قادرة على تأمين سرير وأكسجين لزميلي الشاب، الذي توفي أمام عيني بصورة درامية للغاية.”
كما حذرت هيغدي من مسألة تحصين الأطفال، وأن الأمهات سيكافحن من أجل تلقي العلاج اللازم لإنقاج الأجنة في القريب العاجل.
القصة الثانية: الموت يؤدي إلى ارتفاع الحرارة والتلوث البيئي!
أما عن القصة الثانية فهي لدى فيشواناث تشودري، وهو رئيس محارق الجثث في فاراناسي الواقعة على نهر الغانج المقدس (مكان حرق الهندوس لجثث أمواتهم).
حيث يقول الرجل:
“نحرق يوميا ما لا يقل عن 100 جثة، مقارنة بأقل من 15 جثة يوميا في العام الماضي”.
ويؤكد تشودري بأن عملية الحرق تؤدي إلى حرارة حارقة ولهب متصاعد لا يطاق.
كما أشار الرجل إلى أنه وفي حال استمرار الوضع على ما هو عليه، فإن الهند ستعاني من نقص الأخشاب للمحارق، خاصة مع رفع البائعين للأسعار بشكل كبير.
القصة الثالثة: الفقر خطير، والأخطر هو الجهل المتفشي!
بينما نتجه في القصة الثالثة إلى سائق سيارة أجرة يعيش في مومباي، الذي يؤكد على أنه أمواله قد تعرضت للضياع خلال عمليات الإغلاق الاقتصادية، ولكن المخيف لا يتعلق بهذا الشيء فحسب.
حيث يشير إلى أن المأساة في منطقته، تتعلق بأن سكان قريته يشككون في وجود الفايروس، وهو ما سيجعل الأمر كارثيا في حال انتشاره في قريته.
القصة الرابعة: المرضى يواجهون الموت في البيوت حتى عند الأغنياء!
ونتجه الآن إلى استاذ جامعي في دلهي، وهو سوريندرا بهاتاشارجي والذي فشل في إيجاد سرير لأخته المريضة بداء السكري، على الرغم من تواجده في طبقة اقتصادية جيدة.
ويقول الأستاذ الجامعي:
“لقد تنقلت من مسشفى لآخر، محاولا إيجاد سرير واحد لفترة بسيطة، أو أنبوبة اكسجين ولكنني لم أجد”.
وأضاف:
“وجدت انبوبة اكسجين دون معدات كافية لاستخدامها بشكل طبي مع مريضة، وها هي أختي اليوم في البيت، وعناية الله تحيط بها فقط”.
هذه القصص تشير إلى ان الهند تتجه نحو كارثة صحية ستلقي بعواقبها على مختلف أركان الدولة، سواء على صعيد الموارد الطبية، أو التلوث البيئي، أو الاستغلال المادي من قبل البعض، أو استسلام المرضى وذويهم للموت.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية