منذ مئة عام تقريبا قام أحد المؤلفين بطرح مصطلح “الحلم الأمريكي” في أحد الكتب الشهيرة، وفيما يلي سنتحدث عن حقيقة مصطلح الحلم الأمريكي ومقاييسه، والانتقادات الإيجابية والسلبية الموجهة إليه.
يعني مصطلح الحلم الأمريكي: أن يعتقد الشخص بأنه يستطيع تحقيق النجاح في مجتمع يسمح بالانتقال بين الطبقات، بغض النظر عن مكان ولادته أو الطبقة التي وُلد فيها
كما يؤمن هذا المصطلح بأن النجاح يتم عن طريق التضحية والمخاطرة والعمل الجاد، ويرفض مبدأ الصدفة والحظ.
وقد جاء هذا المصطلح على لسان جيمس تروسلو آدامزالذي كتب “ملحمة أمريكا” عام 1931، ليصبح الكتاب الأكثر مبيعا في ذلك العام.
حيث وصف جيمس الحلم الأمريكي قائلا:
“هو الحلم في الأرض التي يجب أن تكون فيها الحياة أفضل وأغنى وأكمل للجميع، مع إتاحة الفرصة لكل شخص حسب القدرة أو الإنجاز.”
مكونات الحلم الأمريكي:
اهتمت أمريكا بهذا المصطلح بشكل كبير، ليصبح شعارا عريضا لها، حيث اهتمت بالكثير من الأمور وأبرزها:
ملكية المنازل.
الحق في التعليم.
فتح الأبواب للمهاجرين.
بينما نشرت إميلي إس روزنبرغ في كتابها “التوسع الاقتصادي والثقافي الأمريكي 1890-1945” خمسة مكونات للحلم الأمريكي وهي:
الاعتقاد بأن الدول الأخرى يجب أن تكرر التنمية الأمريكية.
الإيمان باقتصاد السوق الحر.
دعم اتفاقيات التجارة الحرة والاستثمار الأجنبي المباشر.
تعزيز التدفق الحر للمعلومات والثقافة.
قبول الحماية الحكومية للمؤسسات الخاصة.
حقيقة مصطلح الحلم الأمريكي بين الحقيقة والوهم والاستدراج:
يشير البعض إلى هذا المصطلح كحقيقة واقعة في أمريكا؛ حيث الحرية السياسية والاقتصادية، وعدالة القانون، وحقوق الملكية الخاصة.
فيما أكد البعض عليه استنادا إلى المزايا التي حققها البعض ممن ليسوا أمريكيين في داخل أمريكا خلال العقود الماضية.
بينما رأى البعض (وهم ليسوا بالأعداد البسيطة) مساوئ وسلبيات وأوهام تتعلق بهذا المصطلح.
حيث وصف البعض هذا المصطلح بأنه لا يعدو سوى فكرة وشعار لاستدراج الكثيرين ممن دخول أمريكا وقاموا ببنائها على أكتافهم، ثم أصبحت فكرة لترسيخ القوة الأمريكية ضمن فكرة عامة لم تتحقق للجميع.
بل هناك من أشاروا إلى التناقض الكبير بين العدالة والفرصة التي يدعيها هذا المصطلح، وبين ما قام به الأمريكييون المستوطنون بحق الأمريكيين الأصليين من عبودية، وتهجير، وقصر التصويت، إلى غير ذلك من أمور تعسفية.
وقد بدأ الهجوم على هذا المصطلح في السبعينيات على وجه التحديد، وذلك حينما بدأت الفروقات المادية بالزيادة بين الأثرياء أساسا وبين الذين ولدوا فقراء.
بينما تم انتقاد بعض مكونات الحلم الأمريكي على النحو التالي:
مسألة تكرار التنمية الأمريكية في مختلف الدول غير قابل للتحقق خاصة مع التدخلات الأمريكية والحرص الأمريكي على السيطرة والتفرد، ناهيك عن الفروقات المادية بين الدول.
بينما تم انتقاد مسألة اتفاقيات التجارة الحرة خاصة وأن أمريكا لديها تاريخ طويل بفسخ الشراكات لاعتبارات غير منطقية.
وفيما يتعلق بتعزيز التدفق الحر للبيانات والثقافة، فالمسألة باتت مزعجة كثيرا خاصة فيما يتعلق بشركات التكنولوجيا واحتكارها أو تجسسها على الببيانات الشخصية.
أما عن التعليم فقد وجده البعض أمراً لابد من أن يكون حقا إنسانيا للجميع في كل مكان على الأرض.
بينما قد نشير إلى تملك العقار في الولايات المتحدة الأمريكية ببعض من الإنصاف؛
حيث ارتفعت نسبة التملك لتصل إلى 65.8% عام 2020، ولكنها النسبة التي انخفضت بفعل الجائحة، خاصة مع ارتفاع نسبة البطالة والتسريح من قبل الشركات.
وقد يكون التصرف الحكومي الأمريكي في إنفاق تريليونات الدولارت ما هو إلا أداة لإنقاذ شعار الحلم الأمريكي.
بل إن الانتقاد بلغ ذروته في أشهر خطابات القادة العالميين، وذلك حينما قال مارتن لوثر كينغ:
“لدي حلم بأن هذه الأمة ستنهض يومًا ما وتعيش المعنى الحقيقي لعقيدتها”.
وهو الانتقاد الأوضح لمصطلح الحلم الأمريكي الذي استفادت أمريكا في ترسيخه من الفساد لدى الدول الأخرى، لتعظيم المصطلح في عيون الشعوب.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية