انخفضت الاستثمارات في منطقة اليورو في الأسابيع الأخيرة، الأمر الذي زادب من عبء اقتصاد القارة العجوز، الذي يحذر خبراء الاقتصاد من إمكانية استمرار معاناة الشركات والمؤسسات حتى بعد انقضاء فايروس كورونا المُستجد.
وقد انكمش الإنفاق الرأسمالي بشكل حاد في جميع أنحاء المنطقة ، وفقاً لبيانات البلدان التي نشرت بيانات مفصلة عن الناتج المحلي الإجمالي، في حين انخفض الاقتراض بهدف الاستثمار في جميع أنحاء منطقة اليورو، وهذا يعكس الاحتياجات النقدية المتزايدة للشركات في ظل انخفاض الناتج .
وقال يال سيلفين، كبير الاقتصاديين في المملكة المتحدة في شركة KPMG: “الاستثمار أمر بالغ الأهمية، فهو يشير إلى ما من المرجح أن يكون عليه النمو في المستقبل. “إذا كنت لا تستثمر فلن تنمو بشكل أسرع في وقت لاحق.”
وتشير الإحصاءات الصادرة عن البنك المركزي الأوروبي إلى أن نسبة البنوك في منطقة اليورو التي أبلغت عن طلب الشركات على الحصول على قروض للاستثمار طويل الأجل انخفضت إلى رصيد ناقص 15 في المائة في الربع الأول، من 0 في الأشهر الثلاثة السابقة.
وعلى النقيض من ذلك، ارتفع الطلب على رأس المال العامل إلى رصيد صاف قدره 26%، من صفر في الربع السابق، حيث سعت الأعمال التجارية إلى الحصول على مبالغ نقدية لتغطية المدفوعات الجارية مثل الإيجارات والأجور.
وتوقع أندرو كينينغهام، كبير الاقتصاديين الأوروبيين في كابيتال إيكونوميكس، أن ينخفض الاستثمار التجاري في منطقة اليورو بنسبة 24 في المائة على أساس سنوي عن عام 2020، مما يساهم في انكماش متوقع بنسبة 12 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي.
وقال ” إن العديد من الشركات تعاني من ضائقة مالية وسوف تتردد فى استخدام الموارد السائلة الشحيحة لتمويل الاستثمار ” . “بالإضافة إلى تحديات الركود العادية، ستكافح الشركات مع المدفوعات الضريبية المؤجلة و / أو سداد القروض خلال العام أو العامين المقبلين.”
وخلال الربع الأول أبلغت فرنسا عن أكبر انكماش لها في إجمالي تكوين رأس المال الثابت، وهو مقياس للاستثمار الخاص والعام، على الإطلاق؛ وهذا يُذكر بالربع الأول من عام 2005 حينما سجلت فرنسا أكبر انكماش في إجمالي تكوين رأس المال الثابت، وهو مقياس للاستثمار الخاص والعام، أضف إلى ذلك انكماش اسبانيا شبه القياسى، وفقا للبيانات الاولية الصادرة عن مكاتب الاحصاءات الوطنية بها.
ومن المقرر نشر بيانات قابلة للمقارنة عن ألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة في الأيام المقبلة، ومن المتوقع على نطاق واسع أن تظهر اتجاها مماثلا. وقال كلاوس فيستسن الخبير الاقتصادي في منطقة اليورو في شركة بانتيون للاقتصاد الكلي ان تراجع الاستثمارات الى جانب انخفاض الانفاق الاستهلاكي “من المرجح ان يكونا المحركات الرئيسية” للانكماش الاقتصادي المتوقع في المانيا. ويتوقع خبراء اقتصاديون استطلعت رويترز آراءهم أن تسجل ألمانيا انخفاضا ً بنسبة 2.2 في المائة على ربع السنة في الناتج المحلي الإجمالي عندما يتم نشر البيانات هذا الأسبوع.
ولكن ليس كل الاقتصادات في جميع أنحاء المنطقة تتأثر بنفس القدر؛ بل إن جميع الاقتصادات في جميع أنحاء المنطقة لا تتأثر على قدم المساواة. وقال خبراء الاقتصاد ان الذين تحملوا اثقل وطأة الازمة المالية وكافحوا من اجل العودة فى السنوات الاخيرة يواجهون الان اشد انكماش فى الاستثمارات .
وعلى الصعيد العالمي، من المتوقع أن ينخفض الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة تصل إلى 40 في المائة في عام 2020 مقارنة بالعام السابق، وفقاً لهيئة الأونكتاد التجارية التابعة للأمم المتحدة، حيث كانت الطاقة وشركات الطيران وصناعة السيارات هي الأكثر تضرراً.
وفي أوروبا، شهدت الشركات المصنعة التي تنتج سلعا استثمارية – تلك المستخدمة كمدخلات لإنتاج سلع وخدمات أخرى، مثل الآلات والشاحنات والمعدات – أكبر ضربة للنشاط، وفقا للبيانات الرسمية. وفي ألمانيا، انخفض إنتاج السلع الاستثمارية بنسبة 17 في المائة في آذار/مارس مقارنة بالشهر السابق، أي أكثر من ضعف الانخفاض في إنتاج السلع الاستهلاكية. وسجلت فرنسا واسبانيا خلافات اوسع .
ويخطط أكثر من نصف قادة التمويل العالميين إلى تطوير خيارات إضافية لمصادر التمويل، وهي حصة ترتفع إلى 54 في المائة بالنسبة لألمانيا، وفقاً لدراسة استقصائية أجرتها مؤخراً شركة برايس ووترهاوس كوبرز.
وقال بيرت كوليجن كبير الاقتصاديين فى شركة ان جي ” انه فى اعقاب الاغلاق ، ومع اعادة فتح الاقتصاد تدريجيا ، سيتعين على بعض الشركات الاستثمار لتعديل نموذج اعمالها مع اقتصاد الابتعاد الاجتماعى الجديد والمؤقت ” .
أما الأمر الخطير يبقى أن احتمالية تأثير التحفيزات في تحسين الاقتصاد قد يتضاءل بسبب استمرار عدم اليقين في السيناريو الذي يشير إلى احتمالية عودة الفيروس وعودة الإقفال مرة أخرى ولو بشكل جزئي فى وقت لاحق من العام او اوائل العام القادم حتى مع لقاح مضاد للفيروس التاجي، وهو ما يدفع إلى ترجيح أن تظل الشركات حذرة لأن الأزمة سيكون لها تأثير كبير على سيولتها”.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية