ما زالت البنوك المركزية العالمية في صراع ما بين القضاء على التضخم المرتفع لديها وبين رفع اسعار الفوائد لديها والمستوى الذي يجب أن تقف عنده حتى لا تصيب اقتصادياتها بشبح الركود.
وفي المقالة الحالية، سنشير إلى جانب التحليلات إلى اهم القرارات الصادرة عن أهم البنوك المركزية العالمية، وهي:
-
الفيدرالي الامريكي بتاريخ 2022/12/14 الساعة 9:00 بتوقيت القدس.
-
بنك انجترا (المركزي الانجليزي) بتاريخ 2022/12/15 الساعة 2:00 بتوقيت القدس.
-
البنك المركزي الاوروبي بتاريخ 2022/12/15 الساعة 3:15 بتوقيت القدس.
ولا يقف الأمر لدى الفيدرالي الأمريكي الذي يتجه نحو اتخاذ قراره لآخر عملية رفع للفائدة على الدولار، والتي سترتفع بذلك بأكثر من 4% منذ بداية هذا العام.
حيث يبدو أن بنك انجلترا مستعد لرفع اسعار الفائدة إلى 3.5% الاسبوع المقبل أيضا، رغم انقسام صناع السياسة النقدية على ذلك.
وبدوره فقد قال أندرو بيلي، محافظ بنك إنجلترا:
“من الضروري زيادة رفع اسعار الفوائد ولكن بنسبة أقل عن تلك التي كان يراهن عليها المستثمرون”.
إلا ان صناع السياسة في كل مكان، ما زالوا يحذرون من الركود الاقتصاد، حتى أولئك الذين دعمو فكرة وصول الفوائد إلى مستويات مرتفعة.
ولكن قراءات التضخم التي إما أنها ما زالت مرتفعة مثلما الوضع الأمريكي، أو أنها تواصل ارتفاعاتها مثلما هو الوضع الأوروبي، فإنها تمثل ورقة ضغط لصالح الفوائد المرتفعة.
حيث إنه ولدى الجانب البريطاني، ارتفع التضخم إلى 11.1%، الأمر الذي دعا بنك انجلترا لرفع الفوائد إلى 3% مؤخرا.
علما ان قراءة التضخم البريطاني ستكون بتاريخ 2022/12/14 الساعة 9:00 صباحا بتوقيت القدس.
وتقول الآن نسبة 78% من المحللين والمراقبين:
“إن بنك انجلترا سيرفع الفوائد بمقدار 50 نقطة إلى 3.5% في 2022/12/15”.
بينما ترى نسبة 22% أن يقوم البنك الانجليزي برفع الفوائد لتصل إلى 3.75%.
أما لدى الجانب الأوروبي فإن الوضع لن يكون مختلفا، حينما يجتمع المركزي الاوروبي لاتخاذ قراره أيضا في نفس يوم قرار المركزي الانجليزي.
حيث أكدت رئيسة المركزي الاوروبي السيدة كريستين لاغارد على أنها مصممة على محاربة التضخم ورفع الفوائد وقبول الركود.
مع ملاحظة أن قراءة التضخم لدى الجانب الأوروبي ستكون يوم الجمعة 2022/12/16 الساعة 12:00 بتوقيت القدس.
حيث تشير التوقعات إلى ان التضخم في منطقة اليورو سيرتفع إلى 10.7 من 10% حاليا.
ولكن رفع الفوائد بمقدار 50 نقطة أو 75 نقطة لن يكون الأساس في دعم سعر صرف عملة دون غيرها.
بل إن قراءة الأسواق لأرقام التضخم القادمة في مختلف أنحاء العالم، ستحدد طريقة استيعاب هذه الفوائد، حتى وإن تم الحديث عن ابطاء عملية رفع الفوائد وتخفيف التشديد النقدي في المحاضر والاجتماعات القادمة.
فمثلا سيحدد رقم التضخم لدى الولايات المتحدة الأمريكية الطريقة التي ستفهم فيها الاسواقُ تصريحَ رئيس الفيدرالي عشية قرار رفع الفوائد الاربعاء القادم.
حيث إن انخفاض التضخم عن نسبة 7.7% بشكل كبير، سيكون حافزا للأسواق للتأكيد على أن الفيدرالي اقترب من نهاية رحلة رفع الفوائد.
بينما وفي حال ثبات التضخم أو ارتفاعه لسبب أو لآخر، فإن الأسواق ستعود إلى انتكاستها، وذلك بعدما سترى أن رحلة الفيدرالي ستبقى قائمة في محاربة التضخم.
وهذه الاحتمالات ستكون حتى تاريخ الاسبوع القادم، والتي سترسم مسار الدولار الأمريكي على المدى القصير، وذلك حتى قراءة التضخم مرة أخرى العام القادم، وقرار الفائدة التالي الذي سيتم اتخاذه في الشهر الثاني من العام 2023.
إلا انه وعلى المدى المتوسط، فإن الركود الاقتصادي العالمي الذي تنجرف له الدول كما أشرنا في البداية سيكون صاحب الكلمة الأولى في تحديد مسار الدولار الأمريكي.
بينما وفيما يتعلق بالأخبار الصينية التي تشير إلى تخفيف القيود وامكانية عودة الصين إلى الحياة بعد ثلاثة سنوات من الانغلاق، فالأمر اختلف.
حيث لا تبدو تلك الاخبار بتلك الكثافة من التأثير، لأسباب تتعلق:
-
بطول المدة التي تحتاجها الصين إلى العودة.
-
وبسبب الركود الذي سيكون العالم قد اصطدم به حتى عودة الصين بالشكل المأمول.
وقد تحدث العديد من المحللين عن استمرار خطورة التضخم من جانب، وضرورة محاربته مهما كانت الكلفة من جانب.
حيث كتبت كارول كونغ ، الخبيرة الإستراتيجية في بنك الكومنولث الأسترالي
“تشير حالة عدم اليقين بأن التضخم ما زال مرتفعا، وان الفيدرالي سيبقي سياسته لفترة أطول من المتوقع”.
وهذه التحليلات تشير إلى حالة تشاؤم كبيرة، خاصة وأن الاسواق ستكون في موعد مع نتائج أعمال الشركات.
حيث ستكون التوقعات أعلى مما كانت عليه في الربع الثالث، الأمر الذي قد يزيد من صعوبة انتعاش الاسواق المالية أيضا.
وقد كتب إدوارد مويا، كبير محللي السوق في OANDA:
“أعتقد أن الحافز الأساسي للدولار سيظل متماسكا هو أن الكونجرس سيظل منقسمًا بعد الانتخابات الرئاسية لعام 2024”.
وبذلك فإن الدولار الأمريكي قد يستفيد بشكل أو بآخر خلال الفترة التي ستصاب فيه الاقتصاديات ظاهرة الركود.
وذلك أنه وفي مقالة سابقة تمت الاشارة إلى الدولار الأمريكي بصفته ملاذا آمنا في أوقات الركود.
المصادر التي تم الاعتماد عليها في إعداد هذه المقالة:
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية