مع انتشار أزمة “كوفيد-19” في جميع أنحاء العالم، تهاوت الشركات الواحدة تلو الأخرى أثناء التعامل مع “فايروس كورونا” الأزمة الأسوأ بعد الحرب العالمية الثانية، وذلك بعد أن قامت بإجراءات متخبطة في التعامل مع الفايروس الجديد، بسبب عدم إمكانية التنبؤ بديناميكيات المرض، إلى جانب الافتقار للخبرات السابقة في التعامل مع هذا الفايروس، إلا أن هذا الأمر كان مختلفا لدى الشركات الصينية في التعامل مع فايروس كورونا، من خلال عشرة دروس مهمة جدا.
وفيما يلي عشرة دروس تم تقديمها من قبل الجانب الصيني، ممثلا بشركاته، وكيفية التعامل مع أزمة مرعبة مثل أزمة كورونا، من خلال الاطلاع على دراسة قدمها مجموعة باحثين من هارفارد خلال شهر آذار من العام الحالي، وتم الاطلاع عليها من قبل موقع كواليس المال:
الدرس الأول. النظر إلى الواقع بديناميكية عالية وإعادة صياغة الخطط بشكل سريع جدا:
حيث العمل على وضع قواعد موحدة لدعم الجهود الرامية للاستقرار والنمو، فمثلا قامت شركة ماستر كونغ، المُنتنج الرئيسي للمعكرونة والمشروبات الفورية، منذ البداية، بوضع الخطط اليومية وإعادة ترتيب أولوياتها بانتظام، وتوقع نفاد المخزون واستخدام منافذ البيع عن بعد وخاصة المعتمدة على البيع الالكتروني.
الدرس الثاني: تكثيف الجهود المبذولة من القمة إلى القاعدة، بشكل متوازن.
ونتحدث عن الأخذ بتوجيهات الحكومة، والتركيز على ابتكارات الموظفين في الشركات، فعلى سبيل المثال، شركة هواتشو- التى تدير 6 الاف فندق فى 400 مدينة فى جميع انحاء الصين- شّكلت فريق عمل للازمات، يجتمع يوميا لمراجعة الاجراءات، بعد أن اصدرت توجيهات من اعلى الى أسفل للسلسلة باكملها، إلى جانب منصة المعلومات الداخلية، وهي تطبيق يسمى Huatong ، للتأكد من أن الموظفين على قدر كافٍ من المعلومات في الوقت المناسب.
الدرس الثالث: ضمان وضوح المعلومات والتعليمات بشكل استباقي من قبل الموظفين:
وذلك للقضاء على أكبر مشكلة أثناء وقوع أي أزمة وهي مشكلة عدم وضوع المعلومات، وإذا ما تم وحدث ذلك الأمر فإن التعامل مع أية أزمة سيكون أمراً بالغا في الأهمية، وهو ما قامت به أكبر شركة مصنعة لأدوات المطبخ في الصين Supor مبادئ توجيهية وإجراءات تشغيلية محددة للغاية لموظفيها.
الدرس الرابع: إعادة توزيع العمالة على مختلف التخصصات (تحقيق المرونة):
فبدلاً من الإجازات أو التسريح للعمالة المتضررة من توقف أعمالها، قامت بعض الشركات الصينية المبدعة بإعادة توطين الموظفين بنشاط معين داخل أنشطة جديدة وقيمة، أو حتى إعارتهم لشركات أخرى.
الدرس الخامس: استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتنسيق بين الموظفين والعملاء:
وهو ما زاد من كفاءة العمل عن بعد، حيث تم تكثيف استخدام تطبيق WeChat، وعديدة هي الأمثلة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:، شركة كوزمو ليدي، أكبر شركة ملابس داخلية في الصين.
الدرس السادس: الاستعداد للعودة إلى العمل بنشاط أكبر مما كان الوضع عليه قبل الأزمات:
حيث قامت الصين باستئناف النشاط بعد ستة أسابيع من إجراءات الحظر المشددة، وهو ما تمت ملاحظته من خلال كثافة حركة الأشخاص والبضائع؛ حيث زاد استهلاك الصلب الخام، إلى جانب أن استهلاك الفحم تعافى ووصل إلى 43% مقارنة 75% بمستويات نفس الربع الأول من العام 2019.
الدرس السابع: توقع عودة قطاعات معينة أسرع من غيرها.
وهو ما يساهم في اتباع نهج متميزة في التحفيز والمساعدة، ففي الوقت الذي انخفضت فيه قطاعات عديدة في أزمة كورونا، كان قطاع التكنولوجيا والرعاية الصحية في أفضل أحوالها، وفهم الحكومة الصينية لهذا الأمر مهم جدا؛ حيث ساهم في وضع الخطط العقلانية والرشيدة.
الدرس الثامن: البحث عن بصيص الأمل دائما في ظل الأزمات.
فقد لاحظت الصين بأن هناك قطاعات متضررة، في الوقت الذي زاد فيه الطلب على العديد من القطاعات الأخرى، وهو ما مكّن شركات صينية من استغلال الفرصة منذ البداية، مثلما فعلت شركة كواشو، وهي منصة فيديو اجتماعية تقدر قيمتها بـ 28 مليار دولار، بعد أن قامت بتقديم عروض التعليم عبر الإنترنت للتعويض عن إغلاق المدارس والجامعات.
الدرس التاسع: الابتكار السريع لسد الاحتياجات الجديدة.
وهو من الدروس المهمة في أهم عشرة دروس قامت بها الشركات الصينية في التعامل مع كورونا، وذلك من خلال القيام بخلق احتياجات جديدة عبر ابتكارات جديدة استباقية، أو ابتكارات جديدة كردة فعل لاحتياجات جديدة بشكل سريع.
الدرس العاشر: التعامل مع الاحتياجات الجديدة كمستقبل واعد لبيئة عمل متغيرة.
فقد آمنت الشركات الصينية بأن الاحتياجات الجديدة، ستتحول قريبا إلى حقائق محددة لتكوين نوع جديد من السوق في الصين وأماكن أخرى من العالم، وهو ما يعني استراتيجيات جديدة وأهداف أخرى طويلة المدى ما بعد مرور أزمة كورونا.
انصحك بالاطلاع على مقالة بعنوان: “الصين تدفع خام الحديد للارتفاع” وذلك لما له من أهمية في معرفة عودة النشاط الانتاجي والصناعي في الصين بعد فترة وجيزة من تحكمها بفايروس كورونا.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية