يتعرض القادة الأوروبيون لضغوط كبيرة من قبل المجتمع والمؤسسات بسبب حجم الاعتماد الأوروبي على النفط والغاز الروسيين، وسنشير إلى اسباب اعتماد أوروبا على غاز روسيا وفقا لأكبر 10 منتجين عالميين.
حيث يشير هؤلاء المنتجين إلى مدى صعوبة إزالة الغاز الروسي من مزيج الطاقة الأوروبي دون فرض قيود صارمة على الاستهلاك الصناعي الذي يمكن أن يسحق النمو الاقتصادي.
ويستورد الاتحاد الأوروبي حوالي 30% من نفط روسيا، و40% من غاز روسيا، الأمر الذي يؤمن لروسيا 850 مليون دولار يوميا.
وهذه النسب تشير إلى أن إزالة الطاقة الروسية سيكون من الصعب جدا التخلص منها من قبل الجانب الأوروبي وفقا للفاينانشال تايمز.
أولا. ميزة روسيا في إنتاج الغاز:
وفقا لبيانات وود ماكنزي الاستشارية، فإن وجود جازبروم الروسية يعطي لروسيا ميزة بصفتها أكبر منتج، والمشرف الحقيقي على سوق الغاز العالمية.
حيث أنتجت هذه الشركة 540 مليار متر مكعب عام 2021، أي أكثر من بريتش بترليوم وشل وشيفرون وإكسون موبيل وأرامكو السعودية مجتمعات.
أما عن الميزة الكبرية في الانتاج، فيتعلق بحجم ما تصدره روسيا لأوروبا على وجه التحديد رغم أنها ليست من الدول الثلاث الكبرى المصدرة للغاز الطبيعي عالميا.
فقد تم تقدير استهلاك روسيا لغازها بمقدار 331 مليار متر مكعب، فيما تصدر 168 مليار متر مكعب فقط إلى أوروبا.
كما قال جايلز فرير ، رئيس أبحاث الغاز في Wood Mackenzie :
“إن استبدال هذا الحجم سيكون مستحيلاً، لأن الإنتاج في معظم مشاريع الغاز حول العالم كان يعمل بالفعل بالقرب من المستويات القصوى لانتاج روسيا”
ثانيا. وضع الدول المنتجة الأخرى للغاز الطبيعي:
أما عن الدول الأخرى المنتجة للغاز، والتي يمكن التوجه إليها، فإنها ستواجه أيضا صعوبة في عملية نقل الغاز نظرا لارتفاع تكاليف الانتاج والنقل.
حيث قامت شركة النفط الوطنية الايرانية، ثاني أكبر منتج للغاز في العالم، بإنتاج 291 مليار متر مكعب عام 2021.
إلا أن 280 مليار متر مكعب تم استهلاكه في إيران وفقا لبيانات وود ماكينزي.
كما أنه وفي حالة إزالة العقوبات عن دولة مثل إيران لاستغلال حجم معين من غازها، فإن ذلك سيستلزم انشاء منشآت تصدير جديدة وهو قد يستغرق سنوات.
أما عن الموردين الآخرين للغاز بخلاف روسيا، فنحن نتحدث عن النرويج وأذربيجان وليبيا والجزائر.
وفي حالة الغاز الجزائري، فإن الحكومة بحاجة لحل الخلاف الدبلوماسي مع المغرب الذي أغلق أحد طرقها المؤدية إلى إسبانيا منذ نوفمبر.
بينما ستكون بحاجة إلى زيادة الانتاج وتلبية الطلب المحلي المتزايد، وفقا لجيمس وادل رئيس قسم الغاز الأوروبي.
أما معهد أكسفورد لدراسات الطاقة فيقول:
“يمكن للنرويج زيادة الصادرات بما يصل إلى 5 مليارات متر مكعب وأذربيجان بما يصل إلى 3 مليارات متر مكعب”.
إلّا أن هذه الأرقام لن تكون كافية لتعويض انخفاض التدفقات الروسية، خاصة مع عقود بين هذه الدول وبين دول أخرى حتى عام 2030.
ثالثا. استخدام السفن بدلا من الأنابيب لتعويض الغاز الروسي غير كاف:
إذا تحدثنا عن استخدام السفن بدلا من الأنابيب، نظرا لأن الغاز الطبيعي المسال هو غاز فائق البرودة ومكثف.
فنحن لن نعالج المسألة؛ حيث سيتم توريد 112 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنويا.
أي ثلث سوق الغاز الطبيعي المسال اليومي، وفقا معهد برينستون ريسيرش.
رابعا. الطاقة البديلة لن تكون حلا فوريا:
كما أنه وفي حال أرادت أوروبا تقليل استهلاكها من الغاز أساسا، والاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، فإن ذلك لن ينجح أيضا.
حيث أن هذا هذه المصادر لن تغني أوروبا عن احتياجها من الغاز الروسي، أو غيره من مصادر الغاز.
وهنا يمكن الإشارة إلى الغاز الأمريكي الذي يدفعه نفسه لان يكون في المركز الأول خلال السنوات القادمة.
بدلا من كونه في المركز الثالث كأكبر مصدري الغاز الطبيعي بعد استراليا وقطر.
وتقدر برينستون أن يزيد حجم الغاز الطبيعي المسال من أمريكا من 71 مليون طن (105 مليار متر مكعب) عام 2021.
ثم إلى 200 مليون طن سنويا بحلول عام 2030، أي بعد ثمانية سنوات من الآن.
ولكن هذه الخطة الأمريكية إلى جانب الخطط الطموحة من قبل قطر لعام 2025، تحتاج إلى وقت انتظار قد لا يكون مناسبا لأوربا.
النتيجة هي صعوبة التخلي عن الغاز الروسي:
يستكمل المحللون حديثهم عن صعوبة تخلي أوروبا عن غاز روسيا، في معرض تفسيرهم اسباب اعتماد أوروبا على غاز روسيا ، قائلين:
“ليست المشكلة في الانتاج، بل إن الاستثمارات الجديدة هي المطلوبة لتعويض الإمدادات الروسية”.
وبذلك فإن المحللين يؤكدون على أن تقوم بأمرين اثنين:
إما أن تستمر في شراء الخام الروسي وتحديدا من الغاز وهو الأمر المرجح.
أو أن تقوم الدول بتخفيض الاستهلاك وتحديدا الاستهلاك الصناعي الذي سيؤدي إلى تدمير النمو الاقتصادي.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية