دخلت قواعد بازل 3 المصرفية الجديدة حيز التنفيذ يوم الاثنين؛ وهو ما سيشكل تغييرًا كبيرًا للبنوك الأوروبية فيما يتعلق بتعاملاتها مع الذهب.
حيث سيؤدي ذلك إلى تغيير مشهد الطلب على المعادن الثمينة وأسعارها وزعزعة سوق الذهب عالميا.
ما الذي تحمله قواعد بازل 3 المصرفية الجديدة لسوق الذهب؟
وفقا للقواعد المصرفية الجديدة فإنه سيتم تصنيف الذهب الملموس والمملوك حقيقة من قبل البنوك على أنه أصل خالي من المخاطر.
بينما أوجبت القواعد الجديدة في بازل 3 على البنوك امتلاك ما يُسمى بالذهب غير الملموس (او الذهب الورقي) وتصنيفها على أنها أصول عالية المخاطر.
حيث قد قال برين لوندين، محرر Gold Newsletter:
“إن هذه القواعد والمتطلبات الخاصة بالسيولة تهدف إلى منع التجار والبنوك من الحديث عن امتلاكهم للذهب بشكل مبهم، وأنه لابد من أن يقوم أي طرف بالإثبات الفعلي لملكيته للذهب في ميزانيته العمومية”.
اتفاقية بازل 3 والتي تم وضع معاييرها بُعيد الأزمة المالية 2007-2008، هي الاتفاقية التي تم تطويرها من قبل بنك التسويات الدولية، والتي تعرف على أنها:
“مجموعة من الإجراءات المتفق عليها دوليًا والتي تهدف إلى تعزيز التنظيم المصرفي والإشراف وإدارة المخاطر”.
كما وتهدف هذه الاتفاقية إلى منع حدوث الأزمة من خلال مطالبة البنوك بالاحتفاظ بأصول اكثر استقرارا وعدد أقل من الأصول التي تعتبر محفوفة بالمخاطر، وقد كان من المتوقع التوجه نحو بازل 4 قبل حدوث الوباء.
ما المتوقع من هذه القواعد الجديدة بالنسبة للذهب؟
سيتم إعادة تصنيف الذهب المادي الملموس وفق هذه القواعد الجديدة، مثل السبائك والعملات المعدنية.
حيث سيتم تصنيفها من الأصول ذات المستوى 3 عالي المخاطر إلى وزن من الدرجة الأولى بدون مخاطر.
حيث قال آدم كاوس، رئيس Libertas Wealth Management Group:
“هذا يضع الذهب جنبا إلى جنب مع النقد والعملات”
كما وضح كاوس بأن هذا يوجب قيام البنوك في جميع أنحاء العالم بشراء المزيد من الذهب الملموس حول العالم.
وهو ما يتماشى مع جهود البنوك المركزية الفعلية في تعزيز مشترياتها من الذهب المادي للاحتفاظ به في مؤسساتها.
ما الفرق بين الذهب المادي الملموس المخصص والذهب الورقي غير المخصص؟
باختصار شديد ولتبسيط الأمور؛
فإن الذهب المخصص المادي المخصص هو المملوك مباشرة للمستثمر مثله مثل العملات.
أما الذهب الورقي أو غير المخصص فإنه وعلى الرغم من أن ملكيته تعود للبنوك، إلا أن للمستثمرين حقا في الحصول عليه، وكأن البنوك مجرد حامل لها بعمولات.
ما الذي يمكن أن تقوم به البنوك الأوروبية وفق هذه النسبة؟
ستواجه البنوك الأوروبية متطلبات سيولة جديدة، تُعرف باسم نسبة صافي التمويل المستقر (NSFR)، كجزء من إصلاحات بازل3.
وتعني هذه النسبة:
“اتباع البنوك معيار سيولة يضمن تمويلا مستقرا كافيا لتغطية أصولها طويلة الأجل”
كما تُعَرَف على أنها:
“مبلغ التمويل المستقر المتاح بالنسبة لمبلغ التمويل المستقر المطلوب، والذي يجب أن يساوي 100٪ على الأقل على أساس مستمر.”
حيث سيتم تقديم لوائح NSFR للبنوك في الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين، والولايات المتحدة في 1 يوليو، وفي المملكة المتحدة في 1 يناير 2022، وفقًا لألسدير ماكلويد، رئيس الأبحاث في شركة Goldmoney Inc.
وهذه القواعد ستؤثر بشكل كبير على سيولة البنك وتحديدا على صعيد ذهبها الورقي.
حيث ستجد البنوك ضرورة أن تقوم بتوفير سيولة كافية لمقابلة أصولها من الذهب الورقي.
وقد قال المحللون في بنك أوف أمريكا إن هذه التعليمات الجديدة، ستقود البنوك لأمرين هما:
-
إما للتعامل مع الذهب وتجهيز سيولة كافية لها.
-
أو أن تقوم البنوك بتجنب التعامل مع هذه الأنشطة بشكل كامل.
بينما أشار المحللون إلى أن اتباع أحد هذين الخيارين لن يؤدي إلى حركة صعودية للذهب بالضرورة، وذلك لأن البنوك لن تقوم بالتركيز على شراء الذهب الحقيقي.
فيما انتقد مجلس الذهب العالمي هذه القواعد قائلا:
“المقترحات المطروحة بموجب NSFR لا تأخذ في الاعتبار التأثير الضار للقواعد الجديدة على سوق المعادن الثمينة”.
وقد اختلف المحللون اختلافًا كبيرًا فيما يتعلق الأمر بخياراتهم بشأن تأثير بازل 3 ومتطلبات NSFR الخاصة بها على سوق الذهب.
بينما تحدث البعض عن ضرورة الانتظار ومراقبة وضع البنوك في القادم من الأيام في ظل بيئة مالية متغيرة بشكل متسارع.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية