لماذا تفضل أمريكا الركود على التضخم ؟ ثمانية أسباب لا بد من معرفتها

تشتد المناقشات من على طاولات الحوار حول الوضع الاقتصادي للولايات المتحدة الأمريكية، والخيارات المطروحة والمتاحة أمام المسؤولين فيها لمعالجة الاوضاع الاقتصادية الصعبة، وتبرز مسألتا التضخم والركود الاقتصادي على سطح هذه المشاكل، وفيما يلي سنتحدث بلسان العديد من المصادر عن أيهما أفضل التضخم أم الركود، لنجيب بذلك سؤال محوري الآن: لماذا تفضل أمريكا الركود على التضخم ؟

لماذا يتم الربط بين الركود والتضخم وما هي قضية الهبوط الناعم للاقتصاد؟

قبل الدخول في التفاصيل، فإننا نود الإشارة إلى مسألة الربط الدائم بين التضخم والركود من جانب، والتعليق على مصطلح الهبوط الناعم.

حيث أورد كونور فريدرسدورف في موقع theatlantic في مقالة له عبارة تقول:

“العلاج النموذجي للتضخم هو الركود، حتى يتم تخفيض الطلب والقدرة الشرائية ودفع الأسعار للهبوط”.

كما كتب فريدرسدورف ساخرا من “عبارة الهبوط الاقتصادي الناعم” الذي يكررها رئيس الفيدرالي اليوم:

“الهبوط الناعم في الغالب عبارة عن حكايات خرافية يرويها الاحتياطي الفيدرالي للمستثمرين القلقين لمنع الذعر أو لتجنب التسوية مع الجمهور لأسباب سياسية”.

بل إن جيروم باول ومن خلال محضر الاجتماع الأخير فإنه يلاحظ اعترافه بأن التضخم الذي يحدث هو خارج عن الإرادة الأمريكية.

حيث كتب J.W. Mason أستاذ الاقتصاد في كلية جون جاي ، جامعة مدينة نيويورك ، وزميل في معهد روزفلت:

“كان صوت باول كصوت رجل حصل على وظيفة يعرف أنها مستحيلة، لكنه يشعر بواجبه في الاستمرار بغض النظر”.

كما قال Mason أيضا:

“أقر رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي أن التضخم الحالي يرجع أساسًا إلى عوامل لا علاقة لها بشروط الائتمان الأمريكية”.

تذكير: معنى الركود والتضخم!

بداية لابد من إعادة التذكير بمفهومي الركود والتضخم قبل الدخول في تحليل تفضيل الركود على التضخم في امريكا وغيرها من الدول.

حيث يشير الركود إلى:

“انخفاض كبير في النشاط الاقتصادي بشكل عام، يستمر لأكثر من بضعة أشهر، يتمثل في انخفاض الناتج المحلي الإجمالي لربعين متتالين، والدخل الحقيقي، والعمالة، والمؤشر الصناعي، والإنتاج، ومبيعات الجملة والتجزئة”

بينما يشير مصطلح التضخم إلى:

“زيادة مستويات أسعار السلع والخدمات، أو تدهور قيمة العملة مقابل العملات الأخرى”

لماذا تفضل أمريكا الركود على التضخم ؟

على الرغم من المعنى الخطير للركود والذي أشرنا إليه بإيجاز، إلا أن هناك من يفضل الركود كحالة اقتصادية على حالة ومفهوم التضخم، رغم سلبيات كل منهما.

ويقدم فريدرسدورف ثمانية أسباب لتفضيل الركود على التضخم، وقد جاءت على النحو الآتي:

أولا. تعمل حالات الركود على إصلاح اختلالات العرض والطلب التي تؤدي إلى التضخم في الغالب.

ثانيا. تسمح حالات الركود بالخروج من فقاعات الأصول غير المستدامة وغير الصحية، مما يتيح للمستثمرين فرصة شراء الأصول بقيم عادلة أو حتى الابتعاد عن الأصول سيئة السمعة.

ثالثا. التضخم من الناحية الوظيفية هو ضريبة على الجميع، بما في ذلك أولئك الذين يحصلون على دخل ثابت أو أولئك الذين يحصلون على زيادات أقل مما هو ضروري لمواكبة ارتفاع الأسعار.

رابعا. على الرغم من ارتباط الركود بحالات رفع اسعار الفائدة، إلا أن الركود يمنح فرصة للاستثمار في الأوراق المالية الأكثر أمانا مثل السندات الأمريكية.

خامسا. تؤدي حالات الركود إلى زيادة البطالة مؤقتا، ولكن حتى وإذا تضاعفت البطالة في أمريكا، فإن العاطلين عن العمل يحصلون على مزايا دعم.

بخلاف ما يحدث في أوقات التضخم الذي لا سيعاني منها الجميع دون تمكنهم من الحصول على مزايا بعينها.

سادسا. يخشى المسؤولون من أن يؤدي التضخم إلى عودة ما جرى في السبعينيات حينما تم تدمير القدرة الشرائية بشكل أكبر من الكساد العظيم.

ويقصد فريدرسدورف التضخم الذي قاد إلى حدوث الركود التضخمي كنتيجة سلسلة للتضخم وليس نتيجة علاج التضخم.

سابعا. تميل فترات الركود لأن تكون قصيرة نسبيا، بينما إذا سمح للتضخم بأن يصبح كبيرا، فقد يتحول من ارتفاع إلى نسب دائمة.

ثامنا. يمكن للسياسة المالية أن تساعد في تخفيف آلام الركود من خلال التحفيز، ولكن السياسة المالية تؤدي إلى جعل التضخم أسوأ في كل مرة حاول تخفيف آثار التضخم على المستهلكين.

أما ايمون بتلر،  مدير معهد آدم سميث، فيشير إلى خطورة التضخم، رغم أنه يرى في الركود كارثة حقيقية.

حيث يقول عن التضخم:

“التضخم يغذي نفسه، حيث انه وعلى الرغم من يقين الناس بارتفاع الأسعار، إلا أنهم يواصلون عملية الشراء”.

كما قال أيضا:

“إن التضخم سيعتبر كارثة بالنسبة لأولئك الذين يدخرون أموالهم، أو بالنسبة للشباب الذين ادخروا المال لتأمين مستقبلهم”.

وختم بتلر مقالته قائلا:

يجب وقف التضخم باستماتة، حتى على حساب الركود، حتى تعود الأمور لطبيعتها ثم مواصلة المضي قدما”.


مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية