يعتبر الذهب ملاذا آمنا لدى الكثيرين، فما هو موقفه أمام الأزمة الاقتصادية الحالية؟ وهل سيرتفع أكثر؟ ولماذا لم يرتفع حتى الآن إلى مستويات الألفي دولار؟
حينما حدثت الأزمة المالية العالمية السابقة في الفترة 2007/2008، انهارت الكثير من القطاعات الاقتصادية، وأفلست العديد من الشركات والمؤسسات، وكان أهمها المؤسسات المالية، وقد توجه المستثمرون بعد هذه الحادثة إلى الملاذات الآمنة وكان على رأسها ذلك المعدن الذي تراوح سعره في منتصف العام 2008 عند مستويات 850-900 دولار، وهو ما دفع الذهب إلى أخذ مسارٍ صاعد لم يشهده قبل هذه الحادثة أبدا.
وقد لامس الذهب لوقت بسيط جدا مستويات 1800 دولار في شهر آب من العام 2011 قبل أن يرتد بعد هذا التاريخ، وذلك لأن الأزمة المالية أخذت بالانحسار وعودة الحيوية لمختلف القطاعات الاقتصادية في ظل المستويات الصفرية من الفوائد آنذاك.
وما أن استلم الرئيس ترامب الحكم وبدأت حقبة التوترات والحرب التجارية الأمريكية الصينية حتى عاد معدن الذهب للارتفاع من مستويات 1100 دولار حتى يصل السعر إلى 1700 دولار في الوقت الحالي.
وقد خرجت العديد من البنوك مثل بنك جي بي مورغان وبنك جولدمان ساكس للحديث عن ارتفاعات أكثر من ذلك على معدن الذهب إذا ما استمرت الأزمة الاقتصادية الحالية التي أحدثها فايروس كورنا، ولكن الأمر لا يجري وفق توقعاتهم حتى الآن، وذلك لعدة أسباب على النحو التالي:
أولا. الأزمة الحالية تختلف عن الأزمة المالية السابقة، فالأزمة المالية السابقة تمحورت حول أزمة ائتمان تم حلها خلال 18 شهر بعد تدخل الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى، أما الأزمة الحالية فتتعلق بشلل كامل للاقتصاد العالمي.
ثانيا. الأزمة الحالية تشابكت خيوطها مع أزمة النفط التي أثرت كثيرا على مداخيل العديد من المستثمرين وأصحاب الأموال، مما حد من قدرتهم الشرائية بالشكل المأمول.
ثالثا. الأزمة الاقتصادية الحالية أجبرت المستثمرين ورجال الأعمال على تحمل تكاليف لم يكونوا ليتحملوها في الأزمة المالية السابقة، فهم أمام خسائر واستحقاقات مالية مختلفة، وهو ما خفض من قدرتهم على عملية الشراء.
رابعا. لابد من الاعتراف أن هناك إشارات تعافي، والبيانات الاقتصادية السيئة التي أعلنتها أمريكا عن شهر أبريل من العام 2020، هي بيانات سلبية ولكنها أفضل من الوضع السيء الذي توقعه الكثيرون، وهو ما يمكن أن يحد من ارتفاعات الذهب بالحجم المأمول أو الوقت القياسي المُتوقع.
خامسا. ما زال هناك فرصة أمام الذهب كما يرجح مجلس الذهب العالمي، وخاصة وأن سلوك المستثمرين سيختلف تماما، وأن شهية الاصول الخطرة لن تؤثر كثيرا على سلوك المستثمرين التحوطي المستقبلي.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية