المؤشرات تؤكد ضرورة انخفاض سعر الدولار الأميركي ، فلماذا تعاند الأسواق هذه الحقيقة التي كان يشير إليها المحللون، ونحن منهم!
للإجابة على هذا التساؤل، فإنه لابد من مناقشة خطاب الفيدرالي في اجتماعاته الخمسة الماضية، والذي أكد في أربعة منه على ضرورة محاربة التضخم، فيما أشار في آخر اجتماعاته إلى أنه ملتزم بمخطط تخفيض الفوائد المحتمل، وهو الاجتماع الذي سبق ثلاثة مؤشرات مهمة (التضخم، سوق العمل، الناتج المحلي الإجمالي).
هذه المؤشرات الثلاثة تمثل الآن ميزاناً ومؤشرا لاحتمالية تخفيض الفوائد (حجما مقدارا)، إذا وضعنا على الكفة اليُمنى (التضخم وسوق العمل) فإننا سنتأكد من أن الفوائد المرتفعة ماضية في طريقها إلى وقت أطول خلال هذا العام، بينما وإذا وضعنا على الكفة اليُسرى (مؤشر الناتج المحلي) فإنه يؤكد ضرورة البدء بتخفيض قريب للفوائد.
ولكن الأسواق قامت بتوزين الكتفين السابقتين، فوجدت أن التضخم عنيد، وسوق العمل يضمن أن يستمر التضخم عنيدا بل وقد يرتفع بشكل غير مرغوب في أي وقت، أما وعلى الكفة الثانية، فوجدت الأسواق أن الاقتصاد الأميركي ينكمش، وأن 1.6% التي سجلها جاءت مدفوعة بالإنفاق الاستهلاكي، بشكل يحتم على الفيدرالي مواصلة التمسك بالفوائد المرتفعة.
وهنا؛ فإن الميزان رجحت كفته اليُمنى على حساب الكفة اليُسرى، وبالتالي قامت الأسواق بتسعير احتمالية ظهور (الركود التضخمي)، وهو ما دفع إلى حدوث الأمور التالية:
أولا. دفع موعد تخفيض الفائدة لشهر أيلول (9) من العام الجاري بدلا من البدء في وقت قريب من النصف الثاني.
ثانيا. دفع الدولار للارتفاع مدفوعا بالفوائد المرتفعة، وبصفته ملاذا آمنا ضد الركود التضخمي المحتمل.
ثالثا. دفع الذهب للتماسك عند مستوياته الحالية، مع تأهبه للارتفاع في حالة الاقتراب من أي عملية تخفيض للفوائد، وهو ما دفع بنك سيتي بانك وجولدمان ساكس وبعض الشركات الاستشارية لتسعير الذهب عند مستويات بين 2600 دولار و3000 آلاف دولار.
أما عن الحلول السياسية المحتملة القادمة، فإنها ووفقا للمعطيات الاقتصادية الأمريكية التي أصبحت أقوى من المعطيات السياسية، فإن الدولار بات متماسكا عند مستوياته الحالية ما بين السبعين والثمانين مقابل الشيكل، والذي يقدم فرصا مثلا للبيع لتحقيق الأرباح، أما عن مستويات الشراء، فإنها ستعيدنا للنصيحة التقليدية، وهي أن أي انخفاض قادم لأي سبب كان، سيمثل فرصة للشراء التدريجي.