يتساءل الكثيرون عن ماذا يحدث مع الدولار الأمريكي امام الشيكل تحديدا، خاصة وأنه كان قد وصل إلى مستويات أعلى من 3.70 ثم انخفض بشكل ملحوظ إلى مستويات أدنى 3.55، وهي المستويات التي قال الكثيرون أنها بداية النهاية لعصر الدولار القوي، وفي مقالنا الحالي سنناقش مدى دقة هذه العبارة المتمثلة بنهاية الدولار القوي، خاصة في الأسواق الفلسطينية.
وقبل الدخول في التفاصيل؛
فإنك لن تجد في النقاط التالي تحديدا لنقطة بيع أو شراء، وإنما تفسير لبقاء قوة الدولار الأمريكي.
علما أن أي انخفاض سيكون رائعا لتكوين شراء جريء، للخروج منه عند مستويات معقولة مع إيقاف (زر) الطمع.
ماذا يحدث مع الدولار الأمريكي ؟ ثلاث نقاط يجب إدراكها تماما
أولا. الفوائد تحتاج لوقت لتنخفض حتى وإن توقفت
تجدر الملاحظة بأن الفوائد الحالية 5.5% هي نفس المستويات الحرجة التي قادت العالم قبل 15عاما إلى أزمة رهن عقاري كبيرة.
ولا أقصد أن هذه المستويات بالتحديد ستتسبب بأزمة ما، ولكن القصد بأنها مستويات ضاغطة وتحديدا في عالم الاستثمار والتجارة.
حيث إن هذه المستويات تكون بين البنك المركزي والبنوك، وبالتالي فإن البنوك ستقوم برفعها على المقترضين، لتحقيق البنوك للأرباح.
كما أن هذه النسب المرتفعة ستنعكس على التكاليف التمويلية، ليس للأفراد على وجه التحديد، ولكن الأهم على صعيد الشركات.
فالشركات التي تتكبد الفوائد المرتفعة، ستقوم بترحيلها للمستثمرين، وبالتالي مواصلة ارتفاع الأسعار، وهو الأمر الذي سيغذي التضخم.
وقد يكون هذا السبب البديهي هو ما يراه الفيدرالي بضرورة التريث قبل أن يقوم بتخفيض الفوائد، أو عدم مواصلة رفعها لمستويات تقترب جزما من 6%.
وبالتالي حتى وان افترضنا، ان الفيدرالي سيذعن للصوت اللاعقلاني، فالفوائد مرتفعة جدا، وتغذي التضخم بشكل أو بآخر.
ثانيا. الفوائد لن تنخفض بالسرعة التي تحسبونها:
انخفضت الفوائد بسرعة أثناء الأزمات المالية الطاحنة، أو الأزمات الصحية الكارثية، مثلما الأزمة المالية أو أزمة كورونا.
أما الآن فإن تخفيض التضخم بسرعة كبيرة، سيعني أن الاقتصاد سيتدحرج إلى كارثة كبيرة، وهي أن السيولة سيتم ضخها بشكل كبير، وبالتالي ضخ المال ورفع الاسعار ليس من باب قوة العرض ولكن من قوة الطلب.
وفي هذه الحالة فإن الفيدرالي يدرك تماما أن تخفيض الفوائد في ظل ضعف العرض، سيتسبب في كارثة كبيرة لن يحمد عقباها.
ثالثا وأخيرا، فكروا بكلام باول مرارا وتكرارا
يبدو أن باول حاول مع العقول مرارا وتكرارا ، وكان يعطي اشارات كبيرة حول أنه لن يوقف رفع الفوائد، ولكن عبث ما حاول جاهدا.
حيث كان يشير دائما إلى أن التضخم 2% وأنه اليوم في أحسن حالاته ضعف ما يريد.
كما قال أيضا أن سوق العمل ما زال جيدا رغم كل التسريحات التي تتم، فهي لا تعبر عن قوة حقيقية، وانما تعبر عن ملايين الوظائف الجزئية التي تمت اضافتها أثناء كورونا.
نعم! إن باول لم يتحدث عن موعد محدد لرفع الفوائد القادمة، التي وعد بأنها ستكون بمعدل رفعتين.
ولكن البيانات ستأتي لتحدد هذا الموعد بشكل أو بآخر.
وسيسأل البعض، هل إذا انخفض التضخم كثيرا، فإن الفيدرالي سيبدأ بالتخفيض فورا؟!
أجبنا عن ذلك في النقطة الثانية تحديدا، ولكن في حال انخفض التضخم بشكل لافت كثيرا، فإن ذلك سيؤدي بشكل أو بآخر إلى انخفاض الدولار، وهو ما سيمثل لكم دائما فرصة للشراء.
ولكن يجب أيضا إدراك ان بيانات التضخم ليست فقط الأهم، فهناك العديد من الأمور أيضا.
هناك المشاكل السياسية والجيوسياسية هنا وهناك.
كما يوجد بيانات ومؤشرات أخرى تتعلق بالتوظيف ومؤشرات أخرى تقيس التضخم.
بينما سنكون في موعد مع قراءة نصف سنوية للناتج المحلي وقوة الاقتصاد الأمريكي.
كل هذا، لا يعني أن المتداولين وتحديدا الهوامير، لن يكونون بمنأى عن الاستفادة القادمة من أي ارتفاع أو انخفاض.
هذه كانت إجابة موجزة عن ما يمكن أن يحدث مع الدولار الأميركي الذي كان وما زال وسيبقى في الوقت القصير سيد العملات مطلقا.
مقالة تم الاعتماد عليها في إعداد ما يلي:
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية