لقد كانت البيانات الاقتصادية للدولة والمالية لشركاتها، ومؤشرات العمل لمواطنيها، من أهم العلامات التي يمكن أن تعطي تصورا عن اقتصاد أية دولة، وعلى الرغم من استمرار أهميتها، إلا أن هناك أمور يجب أن تتضح بشكل أكبر وأعمق من مسألة بيان اقتصاديٍ صدر أو سيصدر وفق توقع أو آخر، وفيما يلي سنتحدث عن كيفية قراءة البيانات الاقتصادية الحالية، وما تأثيرها على مسار الدولار والذهب وذلك من خلال مثال عملي.
أولا. هل انتظار البيانات الاقتصادية مهم، أم ماذا؟
يعلم الجميع أن هناك أجندة للبيانات الاقتصادية لكل دولة، والتي تصدر في تاريخ ويوم وساعة محددة، وفق توقعات بصعودها أو هبوطها.
كما أن هناك معرفة نسبية لأهمية كل بيان على حذة، بل قد تختلف الأهمية النسبية لبيان معين وفق المعطيات.
فالتضخم الذي كان وما زال مهما، لم يكن على نفس الحجم من الأهمية قبل عام 2022.
كما أن البطالة لم تكن مهمة أبدا أثناء مراقبة البيانات الاقتصادية التي كانت تأتي في المركز الثاني بعد البيانات المالية للشركات قبل الأزمة المالية العالمية عام 2008.
بالتالي، فإن معرفة البيانات الاقتصادية مهم، ولكن الأهم مسألة التشبيك بين هذه البيانات.
فمعدل التضخم مهم، ولكن يجب أن نقرن هذه القراءة بالمؤشرات الاقتصادية ذات العلاقة في حينه.
ثانيا. مثال عملي على قراءة البيانات الاقتصادية في الوقت الحالي:
فيما يلي مثال عملي لقراءة المؤشرات الاقتصادية الحالية وتأثيرها مثلا على الدولار والذهب:
حيث، ومثلا في هذا التوقيت، فإن التضخم مرتبط بالبطالة والأجور وعدد الوظائف ومعدلات الشكاوى.
ولكن هذا ليس كافٍ أبدا، فالمسألة يجب أن يتم ربطها مباشرة بالظروف السياسية والجيوسياسية والتجارية بشكل مباشر.
وهذا ما يدفع إلى الخوف بشكل كبير من أن التضخم الذي ينخفض بشكل ممتاز، قد يتعرض لنكسة نتيجة المشاكل الحالية.
خاصة وأن منظمة الغذاء العالمية الفاو، تحدثت في مؤشرها الأخير أن هناك ارتفاع في مؤشر أسعار الحبوب والقمح.
كما أنه ومهم جدا أن ندرك بأن معدل البطالة الذي انخفض والأجور التي تماسكت، ما زالت تدعم سوق عمل قوي.
ولكن ومع هذه المؤشرات المقلقة، هناك أيضا أخبار تتعلق عن أن البنوك العالمية بدأت بالارتياح من أن الركود الاقتصادي الأميركي أصبح شيئا مستبعدا.
وهنا سنتعرض للحيرة،
-
هل نصدق المؤشرات التي تشير إلى أن التضخم ما زال في خطر؟
-
أم نصدق توقعات احد البنوك الأميركية وإن كان عملاقا؟
هنا، وفي هذه الحالة، يجب أن نضع المؤشرات الاقتصادية ذات الأهمية الأكبر، في المقام الأول.
وأن نربطها بحديث رئيس الفيدرالي، وأن نستمع إلى صوت العقل، قليلا:
-
فالمشاكل الجيوسياسية مستمرة.
-
والحرب الروسية قائمة.
-
والفيدرالي مصرٌ على أن السياسة النقدية المتشددة باقية.
-
والفوائد بشكل عام وعلى الدولار بشكل خاص، في أعلى مستوياتها.
بالتالي، وكنتيجة للمثال وتأثيره على مسار الدولار والذهب :
فإنه ووفقا لهذا المثال، نتوصل إلى نتيجة مفادها أن الدولار ما زال قادرا على التماسك، وأن الذهب ما زال في مستوياته السعرية الراهنة دون أفق لصعود أو هبوط كبير.
وبالتالي فإنه وإذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن الدولار سيتماسك، أو سيعود للتماسك في حال الانخفاض.
وسيبقى أي انخفاض هو فرصة ذهبية للشراء على مراحل ومستويات سعرية مدروسة ومتوافقة مع أهدافك كمتداول.
بعض المصادر في إعداد هذه المقالة:
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية