منذ شهر آب عام 2022، والشيكل الإسرائيلي في حالة ترهل، أولا بسبب التعديلات القضائية، ومن ثم بسبب الأحداث السياسية، وفي هذه المقالة، سنناقش مستقبل الشيكل الإسرائيلي بما يحيط به بعيدا عن ظروف العملة المقابلة له، وذلك من خلال المصادر والأدلة والأحداث التاريخية.
ولكن وقبل الدخول في تفاصيل هذه المقالة، يجب التنويه إلى الأمور التالية:
إسرائيل تعد كيانا للتصدير وتحديدا التكنولوجي، لذا فإن سعر صرف متوسط ومعقول للشيكل سيكون أفضل لديها من سعر مرتفع جدا كمستويات 3 شيكل، أو منخفض جدا كمستويات 4 شيكل للدولار الواحد.
إن ارتفاع الشيكل وبلوغه 3 شيكل أمام الدولار، سيجعل من صادرات إسرائيل مرتفعة بالنسبة للخارج، وذلك بسبب قوة عملتها المحلية مقابل العملة الأجنبية المراد الاستيراد منها من قبل الدول الخارجية.
بينما سيكون انخفاض الشيكل أمام الدولار الواحد إلى 4 شيكل، مشكلة كبيرة أيضا لما سيسببه تدهور الشيكل من مشاكل اقتصادية للداخل الإسرائيلي.
أما النقطة المهمة والواجب فهمها وإدراكها، فإنها تتمثل في أن الشيكل لا يعد عملة مقبولة عالميا، وإنما يمكن وصفها (بشكل غير علمي)، بأنها عملة تسيير أحوال يستخدمها الاسرائيلي للنفقات الداخلية لديه.
التفاصيل: مستقبل الشيكل الإسرائيلي ومتى سيعود إلى 3 شواكل أمام الدولار؟
على مدى العامين الماضيين، كان الشيكل منخفضا أمام الدولار وبشكل ملحوظ، وذلك نظرا لأسباب اقتصادية وسياسية تتعلق بإسرائيل بشكل أوثق من تعلقها بالدولار فقط.
حيث ارتفع بداية بسبب التعديلات القضائية، ثم ارتفع أكثر بعد اندلاع الحرب في غزة بُعيد شهر أكتوبر عام 2023.
تقرير لبنك إسرائيل المركزي مؤخرا، أشار إلى أنه لولا هذين الأمرين، لكان الدولار عند مستويات 3 شيكل.
أي أنه كان سيعود لمستويات تذكر بما حدث بداية عام 2022، حينما كان الدولار أقوى العملات عالميا مقابل الدولار.
وقد استند تقرير بنك إسرائيل المركزي على مدى ارتباط الشيكل بالوضع الاقتصادي للسوق المالي الأميركي وتحديدا التكنولوجي.
حيث أن ارتفاع قطاع التكنولوجيا بشكل جنوني لدى أميركا، كان سيؤثر إيجابا على الشيكل لولا التعديلات والحرب.
أما رئيس مجلس إدارة بوريا المالية، فقد قال:
“لولا التعديلات القضائية والحرب، لكان الدولار مسعرا بسعر صرف يساوي 3.2 شيكل للدولار”
وإن كان هذا ما يتعلق بواقع الشيكل فيما مضى، فإن المستقبل الخاص بالشيكل لن يكون سيئا، وتحديدا في حال لم تندلع الحرب مع لبنان، وتم التوصل لأية هدنة مهما كان شكلها في غزة.
حيث إن البيانات الاقتصادية الإسرائيلية الحالية، لا تعد بذلك السوء قياسا بما كان متوقعا لها بداية الحرب.
فالفائض في الحساب الجاري لإسرائيل (الفرق بين الصادرات والواردات) بلغ 6.7 مليار دولار نهاية الربع الأول من عام 2024.
ووجود فائض في الميزان يشير إلى أموال تدخل البلاد أكثر من خروجها، وهذا يساهم في تقوية الشيكل.
كما قال جوناثان كاتز كبير الاقتصاديين في شركة ليدر كابيتال ماركتس:
“وضع الميزان يشير إلى أمر مهم مستقبلي، حتى وإن لم يعبر عن وضع اقتصادي قوي في الوقت الراهن”.
بينما وفي حالة عادت الاستثمارات الأجنبية الحقيقية في إسرائيل، ووفقا لكاتز، فإنها ستكون داعما للشيكل.
حيث قال كاتز:
“لقد انخفضت الاستثمارات التكنولوجية من 2.6 مليار دولار في الربع الأخير من عام 2023، إلى 1.2 مليار دولار في الربع الأول من عام 2024”
أما قطاع البناء، فما زال يترنح حاليا، رغم تسجيله 16 ألف وحدة وهو أعلى من 13 ألفا التي كان القطاع قد حققها في الربع الأخير من العام 2023.
وبناء على كلام كاتز والبيانات الاقتصادية وتحديدا التي يمكن أن تعود في حال انتهاء الحرب أو حتى عدم اندلاع حرب في لبنان، فإنها قد تعزز من قيمة الشيكل.
محللو البنك السويسري EFG International قالوا:
“نتوقع أن يرتد الشيكل في وقت لاحق من هذا العام، ليصل إلى أقل من 3.6 شيكل للدولار الواحد”
بينما قال رئيس مجلس إدارة بوريا المالية :
“أعتقد أن الشيكل سيعود للارتفاع، مع انتهاء الحرب أو حتى مع أي صفقة كانت”
وأما عودة الشيكل للارتفاع لمستويات 3.4 شيكل للدولار أو أقل، فقد تحتاج لوقت ليس بالبسيط.
وذلك للعديد من الأسباب وأهمها:
التصنيف الائتماني لإسرائيل يحتاج لوقت ليعود لوضعه السابق.
كما أن إسرائيل بحاجة لوقت لتقنع رؤوس الأموال التي هربت من أثناء الحرب إلى الخارج بالعودة.
مصادر المقالة:
موقع جلوبس: Shekel shrugs off volatility despite ongoing war
جلوبس: First quarter building starts surprisingly high
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية