نشتكي كثيرا من الإغلاقات العامة والمتكررة لمواجهة فايروس كورونا، كما يتحدث الكثيرون عن عدم جدوى هذه الإغلاقات، وأنها تضيف إلى المشاكل الصحية مشاكلا اقتصادية أعمق، إلّا أننا سواء اتفقنا أم اختلفنا فإن ظاهرة الإغلاق تعتبر ظاهرة عامة لدى مختلف دول العالم حتى وقتنا الحالي، وفيما يلي سأشير إلى معايير انتهاء إغلاقات كورونا ، وفقا لدراسة صدرت ونشرت في أشهر مجلة طبية عالمية.
حيث نشرت The Lancet وهي أشهر مجلة طبية دورية في العالم تحليلا في نهاية عام 2020، يشير إلى أن فك أي إغلاق لدى أي دولة يجب أن ينضوي تحت خمسة معايير أساسية وهي:
-
المعرفة الواضحة لموقف العدوى والانتشار من قبل الحكومات.
-
المشاركة المجتمعية ودعم الإغلاقات من قبل الأفراد.
-
القدرة الكافية للنظام الصحي ومؤسساته.
-
مراقبة الحدود بشكل صارم.
-
ومسألة الثقة العامة.
وقد توصل القائمون على هذا التحليل إلى تلك المعايير بعد دراسة تسعة بلدان ومناطق ذاتِ دخل مرتفع قامت برفع القيود على إغلاقاتها.
حيث كانت هذه الدول:
هونغ كونغ واليابان ونيوزيلندا وسنغافورة وكوريا الجنوبية وألمانيا والنرويج وإسبانيا والمملكة المتحدة.
وقد وجد القائمون على التحليل بأن أغلب هذه الدول قد فشل في تلبية المعايير الخمسة اللازمة لفك الإغلاقات وتجنب موجات جديدة من العدوى.
وفيما يلي نبذة موجزة عن نتائج التحليل عن كل معيار من المعايير الخمسة:
أولا. المعرفة الواضحة لموقف العدوى من قبل الحكومات
لقد وجد التحليل بأن المعرفة باتت أمرا مشكوكا فيه، وأن القيام بفك أي إغلاق لابد من أن يحدث في توقيت منطقي قائم على تقارير الخبراء الصحيين، وهو ما سيشكل معضلة جديدة في فك الإغلاق.
حيث رأى التحليل بأن تلك الدول التي اعتمدت على تقارير الخبراء الصحيين، فإنها اعتمدت على تقارير تشخيصية لموقف المؤسسات والمنظومة الصحية، وأنها تقارير لم تستطع تشخيص وضع الفايروس بسبب غموض الفايروس نفسه.
كما رأى المحللون بأن الحكومات التي لجأت إلى التقارير الصحية، فإنها غالبا ما لجأت إلى الإغلاق بسبب ارتفاع الإصابات.
ثانيا. المشاركة المجتمعية في إنجاح الإغلاق:
وجد التحليل بأن المشاركة المجتمعية كانت مشاركة ضعيفة، بل ووجد التحليل بأن أي مشاركة مجتمعية كان لابد من أن يسبقها أمر آخر.
حيث تقديم الدعم الحكومي والمؤسساتي والتكافل في تثبيت أقدام المجتمع وتمكينه من مواجهة أي إغلاق.
ثالثا. القدرة الكافية للمنظومة الصحية:
لقد وجد التحليل وضعا صحيا مترهلا لدى الأفراد، وأن قدرة النظام الصحي المترهل لم تكن وليدة اللحظة.
حيث قال التحليل:
“إن الوضع الصحي للمنظومة الصحية هو نتيجة إهمال لدى الكثير من الدول واعتبار نفسها صحية بما فيه الكفاية وأنها لن تكون بحاجة لمؤسسات صحية أكبر.”
أما عن المعيار الأخير فيتعلق بثقة الجمهور؛
ولا أقصد ثقة الجمهور بالحكومات، إذ تحدث التحليل عن ثقة الحكومات بوعي الجماهير، وثقة الجماهير بأدوات وإجراءات الحكومات.
خاصة مع زيادة الضغوطات على الجميع والارتباك امام التقارير الصحية والوقائية، وتصاعد ضغوطات المادية الناجمة عن ظروف العمل.
ولن نتحدث كثيرا عن إغلاق الحدود إذ أنها من أكثر المعايير التي تم الالتزام بها واستطاعت الكثير من الحكومات القيام بها.
لقد كانت هذه معايير انتهاء إغلاقات كورونا وفقا لدراسة علمية منشورة، وهي نفس المعايير التي ما زالت مختلف الحكومات غير قادرة على تحقيقها.
ولمن يسأل عن موعد فك الإغلاق، فإن ذلك الموعد سيكون بعيدا إذا ما بقيت الإغلاقات دون معايير محددة وواضحة لدى الجميع.
بل إن أي إغلاق يجب أن يكون مدعوما بأمرين رئيسيين هما:
-
إجراءات تدعمها الحكومات.
-
وعي الجمهور من مؤسسات وشركات وأفراد.
وإن لم يتوفر هذا الشيء في أية إغلاق، فإن ذلك سيقود البلاد إلى إغلاق لا يلد سوى إغلاق آخر.
حيث أن الإغلاق لن يكون واقيا لوحده، دون تمكين من قبل الجميع لجعله إغلاقا ذكيا.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية