يتجه نمو الاقتصاد الصيني إلى التباطؤ، وذلك في ظل ما يقوم به الرئيس الصيني من ضبط للأسواق، وزيادةٍ في تنظيم مختلف القطاعات، بدءا بمراقبة التكنولوجيا، مرورا بضبط التعليم، إلى إعادة تنظيم قطاع العقارات، وتقليل اعتماد الاقتصاد الصيني عليه، وصولا إلى تأثر الاقتصاد الصيني ببعض الظروف القاهرة.
حيث تحدّث كل من “توم هانكوك” و “إندا كوران” عبر وكالة بلومبيرغ، ونقلا عن موقع فاينانس ياهو، عن مدى خطورة تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني .
وأكدا على أنه لن يلقي بظلاله على الصين وحدها، بل إنه سيمتد إلى خارج الحدود الصينية، ليطال العالم بأسره.
كما واستشهدا بمخاوف بعض المسؤولين في بنك أوف أمريكا، وسيتي جروب، إزاء انخفاض مستويات النمو الصينية المتوقعة لهذا العام.
حيث أشار المسؤولون، إلى أن النمو الاقتصادي الصيني سيكون أقل من النسبة المتوقعة له، وهو 8.2%.
وهو ما سيلقي بظلاله السيئة على النمو الاقتصادي العالمي، بناء على العلاقات المعقدة والمتشابكة مع الاقتصاد الصيني.
ما هي أسباب تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني ؟
إن هذا التباطؤ الاقتصادي، مرتبط بأمرين، الأول يتعلق بإرادة الصينين وطريقة إدارتهم للبلاد، والآخر، يتعلق بالظروف القسرية المتمثلة بالطاقة.
أولا. إعادة ضبط البوصلة:
يقوم الرئيس الصيني بإعادة هيكلة الاقتصاد الصيني، وهو الأمر الذي حدث مع رؤوساء صينيين سابقين، في أواخر السبعينيات، والتسعينيات من القرن المنصرم.
وأما عن السبب الذي يدفع الرئيس الصيني إلى القيام بذلك فإنه يتمثل بالنقاط الآتية:
-
تفكير الرئيس الصيني في إجراء تحول جذري في نموذج الاقتصاد الصيني، والذي أثقل نفسه بالديون لوضع نفسه في المكانة التي يعيشها الآن.
-
سعي الصين إلى تخفيف المخاطر المالية، من خلال مراقبة مستويات الدين.
-
الحرص على إرساء قواعد الاستقرار المالي، وتغليب حماية البيئة على النمو الاقتصادي.
-
الإسراع في إعادة توجه الموارد المالية نحو الانتاج التقني التكنولوجي، لمواجهة الهيمنة الامريكية في هذا المجال.
ثانيا. الظروف القسرية:
ولن أطيل الحديث عن هذه النقطة، فمن يتابع المعطيات والأحداث أولا بأول، فإنه سيدرك تماما مدى تأثر النمو الصيني، بمسألة نقص الطاقة.
إذن؛ وبعد سرد هذه النقاط السابقة، فإنه لن يكون مستغربا من اتجاه الصين نحو تباطؤٍ اقتصاديٍّ في القريب العاجل.
ولكنه سيفتح الباب أمام مخاوف اقتصادية أخرى، أهمها انتقال عدوى التباطؤ.
حيث سيلقي هذا التباطؤ بظلاله السيئة على الساحة العالمية، وذلك اعتمادا على وضع الاقتصاد الصيني بالنسبة لمختلف دول العالم.
فاعتبار الصين بمثابة المصنع العالمي للعديد من الدول، سيدفع إلى نقل عدوى تباطؤ نموها إلى غيرها من الاقتصاديات العالمية.
حيث يشير “فريدريك نيومان” الرئيس المشارك للبحوث الاقتصادية الآسيوية في بنك HSBC، إلى مدى اتصال العالم وارتباطه بالاقتصاد الصيني، ويقول:
“عندما يعود المحرك الاقتصادي الصيني للعمل، يزدهر النمو في جميع أنحاء العالم”.
كما لن يقتصر التباطؤ الاقتصادي على الشؤون التجارية فحسب.
بل سيتعداها ليصل الأمر إلى خطر ارتباطات الاستثمارات الدولية في الصين، مثلما هو الحال مع استثمارات بعض الدول في الداخل الصيني، مثل:
استراليا وجنوب افريقيا، والبرازيل، وتشيلي، وبيرو، وغيرها من الدول المحيط حتى مثل ماليزيا وسنغافورة وتايلاند.
بينما أشار البعض إلى محدودية تأثر الأسواق المالية العالمية بسوق المال الصيني، في حالة الاضطرابات.
إلا أن المسألة الآن، تبقى بمثابة جرس إنذارٍ مبكر وخطير، يجب على الحكومات الانتباه إليه، أثناء تحركهم الفعلي لإنقاذ ما يمكن انقاذه في المستقبل القريب.
حيث أن معدلات النمو الاقتصادية لدى الدول العظمى، ما هي إلا بوصلة إلزامية، تقود مختلف الاقتصاديات الأخرى إلى نفس الاتجاه الذي تسير نحوه.
خاصة وأن بعض المسؤولين الصينين يرون أن العام المقبل، سيكون موعدا محتملا لانحسار مشكلة نقص الكهرباء.
أي أن العالم، سيكون في ظل موجة من الاضطرابات الاقتصادية خلال الشهور القليلة القادمة عند أقرب تقدير ممكن.
وهو الأمر الذي أكد عليه الاقتصاديون في سيتي جروب، حينما قاموا بتحليل تأثير نقص الكهرباء على الانتاج الصناعي.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية