لقد صدم ترامب العالمَ بتصريح سريع عشية الخميس عن قرار إدارته حظر أعمال TikTok و wechat يوم الأحد في أمريكا.
إلا أنه قام قبل ساعات من إعداد هذا التقرير بالتصريح عن مباركته لصفقة الشركة الصينية مع الشركات الأمريكية.
وما بين الحظر والمباركة وما قبلهما، أحداثٌ لابد من تناولها بشيء من الموضوعية، كمحاولة لفهم توجهات ترامب.
الأحداث التي يجب استقراؤها
الأحداث التي أقصدها في التقرير الحالي تتعلق بأمرين، الأول في توجه الشركات الأمريكية، والآخر يتعلق بالسوق الصيني.
فما إن قامت إدارة ترامب بالإعلان عن قرار حظر التطبيقات الصينية مساء الخميس، حتى قامت الصين صباح السبت بالإعلان عن نيتها القيام بإجراءات تَحُدُ من حرية الشركات الأجنبية في أراضيها.
وقد تم اعتبار إعلان الصين بمثابة ردة فعل مباشرة لإعلان حظر شركاتها الصينية وعلى رأسها tiktok.
أما عن الحدث الذي دار في وقت سابق لهذه الأحداث، فيتعلق بتهافت الشركات الأمريكية خلال الفترات السابقة للدخول إلى السوق الصيني الجذاب من وجهة نظر كبريات الشركات وتحديدا المالية منها.
حيث باتت أبواب السوق الصيني مفتوحة الآن على عكس ما كان عليه السوق من انغلاق على الداخل، والسبب يعود إلى:
أ. قامت الصين ببذل جهود كبيرة في تمكين شركاتها للوقوف في وجه المنافسة الأجنبية.
ب. قامت الصين بالسيطرة على السوق المالي في هونغ كونغ وتثبيت أقدام شركاتها فيها، لتزيد من قوة مركزها المالي ونفوذها.
إن الأمور السابقة كفيلة بجعل الصين اكثر ارتياحا للمعطيات الضاغطة على الإدارة الأمريكية في التراجع عن قراراتها، إلا أنه لابد من معرفة الأمور التالية:
أولا. بحسب الصفقة الحالية فإن Oracle ستصبح مزود السحابة لشركة TikTok ومستثمراً بحصة تبلغ 12.5٪.
ثانيا. ستشتري وول مارت مبدئيًا حصة 7.5 ٪ ، وستكون أحد أعضاء مجلس الإدارة الخمسة للشركة.
ثالثا. سيتبقى للشركة الصينية ByteDance الأم لـ TikTok النسبة المتبقية 80٪.
بعد مباركة ترامب: هل رضخ ترامب للصين ؟
يجب النظر إلى مباركة ترامب والتي جاءت عبر تصريح غريب مُعتاد بشكل أكثر عمقا في المرحلة الحالية؛ وذلك من حيث التوقيت الخاص بالصفقة ومجريات الأحداث التي تدور حولها.
وهذا يعني أن أي تصعيد من قبل الجانب الصيني حول الحد من قدرتها التشغيلية أو الاستثمارية سيزيد من تعميق المشاكل الاقتصادية في السوق الأمريكي نفسه.
ثانيا. من وجهة نظر الانتخابات الأمريكية
لابد من الاعتراف بأننا اليوم نقف على بُعد شهرين فقط من موعد الانتخابات الأمريكية؛ حيث تميل الأسواق المالية والرأسماليين إلى الوقوف إلى جانب من سيحقق مصالحهم، وهو أمر تمت مناقشته عبر مقالة سابقة، يمكنك الرجوع إليها عبر الضغط هنا.
وهذا يعني أن الأسواق المالية الأمريكية تميل إلى اختيار من يعمل لصالحها، وترسيخ أقدامهم في الأسواق الآسيوية الواعدة.
إذن فالأمر ليس إذعانا أو رضوخا بالشكل المباشر والصريح، بل هو مهادنة في ظل المعطيات الأمريكية الحَرِجة.
حيث يكاد لا يخفى عن العلن مدى حرص ترامب على تحقيق المصالح على الصعيدين الشخصي والقومي الأمريكي.
وإن أكثر ما يؤكد على حرص أمريكا على المصالح الذاتية بشكل يتغلب على مسألة الصراع الصيني الأمريكي، هو ما تحدث به أحد المسؤولين في وول مارت؛ حينما قال:
“سنعمل من أجل طرح عام أولي للشركة في أمريكا خلال العام المقبل لجلب المزيد من الملكية للمواطنين الأمريكيين”.
أضف إلى ذلك ما ستقوم به TikTok من محافظة على مقرها الرئيسي في أمريكا، وخلق وظائف تزيد عن 25000 وظيفة.
فما هي الأمور التي ستؤول إليها هذه الصفقة خاصة مع تصريح ترامب بأنه أعطى مباركته للصفقة، ولا يأبه إذا لم تتم؟!!
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية