ليست من عادتي أن أكتب مقالات تحليليا بناء على استنتاجات شخصية بحتة، فقد اعتدت كثيرا على كتابة المترجم من المواقع الأجنبية الأخرى، إلا أن هذه المقالة ستكون مختلفة، وسأسمح لنفسي بأن أخرج من عباءة المتحفظ، وارتدي عباءة المحذر بشكل كبير، وذلك للإجابة عن سؤال يشغل بال الصغير قبل الكبير والقاصي قبل الداني: هل سيصمد سعر الدولار الأمريكي أم أن وقت الانهيار قد حان.
وللإجابة على هذا السؤال الرتيب، سأعتمد على الأمور التالية:
-
التضخم (بصفته شبحا نائما)
-
الوضع الصيني (بصفته عاملا اقتصاديا وجيوسياسيا).
-
الوضع الأمريكي (بصفته المفصل الأهم في عجلة الاقتصاد)
-
الاقتصاد العالمي (بمعطياته الجديدة).
نبدأ بالتضخم، فالتضخم الذي انخفض كثيرا من مستوياته السابقة، فإنه ما زال يحمل في طياته بعض التهديد للعودة.
أقول بعض التهديد، لأن قراءة واحدة لا، ولم، ولن تكفي لنؤكد استقرار او انخفاض التضخم.
حيث أن هذا الرأي نابع من المشاكل التي تتعرض لها العديد من الدول، سواء على صعيد تقييد صادرات مهمة مثل الأرز في الهند، أو مشاكل سياسية في روسيا، التي سيكون لها رأي آخر في احتمالية معاقبة الجميع حينما يحين فصل الشتاء، وأقول إمكانية معاقبة، فأنا لست عضوا في الكرملين لأؤكد لكم بعض القرارات البوتينية.
أما الوضع الصيني، فهو الأهم بالنسبة لعجلة التضخم، فالوضع الاقتصادي الصيني، وبحسب أحدث استطلاعات الرأي، فإنه سيعاني العام الحالي وحتى عام 2025 دون نسب النمو الاقتصادية المتوقعة بشكل سابق.
وهذا الأمر مهم، لأنه ومع الوضع الاقتصادي الصيني الصعب، فإن المعروض من السلع والخدمات سيبقى تحت التهديد.
أي أن التضخم سيبقى في حيز الخطر، وهو ما سيدفع البنوك المركزية دائما للحفاظ على سياسة متشددة.
بينما وبالنسبة للوضع الأمريكي، فيبدو أنه كان ملتزما للصمت والهدوء بشكل كبير، خاصة في التعامل مع ملفات طموحة بشكل ساذج مثل البريكس.
وها هو الآن يخرج عن صمته شيئا فشيئا، ابتداء من:
– تحركاته في مجموعة العشرين.
– اقتراحاته وخاصة في منطقة الشرق الأوسط والهند، وغيرها من التحركات التي ما زالت في بدايتها.
أما بالنسبة للاقتصاد العالمي الجديد، فإنه لن يكون بمنأى عن الطموح الأمريكي المستمر بقدرته وسطوته وسيطرته تكنولوجيا وماليا.
وإذا جمعنا كل النقاط السابقة، فسنصل إلى نتيجة بسيطة لا تحتاج لمحلل خبير أو فكر قدير.
أن الدولار ما زال قادر على الصمود، حتى وإن انخفض.
كما أن كل انخفاض سيكون فرصة للشراء على مراحل، فيما أن كل ارتفاع سيكون جيدا لتحقيق ربح بالبيع على مراحل.
وتذكروا تماما أنه لا يمكن الربح من خلال حمل مركز على عملة واحدة بعينها دون أخرى.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية