بدأ اجتماع الفيدرالي الأمريكي لرفع الفائدة للمرة العاشرة تواليا، لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ ما يقرب من 16 عاما، وهو ما يضع الاقتصاد الأمريكي في امتحان خاصة أنه يخوض أول أزمة حقيقية منذ أزمة عام 2007/2008.
وقبل الدخول في التفاصيل؛
فإن مسار الدولار الأمريكي، فإنه سيعتمد بشكل كبير على ما سيخرج به اجتماع الفيدرالي الأمريكي من نتائج وتطلعات مستقبلية.
بينما ستقدم هذه المقالة أمور يجب إدراكها للمقارنة بين ما يحدث الآن وما حدث قبل عشرين عاما تقريبا.
التفاصيل:
فيما يلي ستة أمور يجب الإطلاع عليها ستجعل من هذا الاجتماع، اجتماعا مصيريا بشكل كبير.
أولا. الاجتماع الثاني بعد انهيار بنك كبير!
سيكون هذا الاجتماع هو الثاني على التوالي الذي يعقد في أعقاب فشل بنك أمريكي كبير.
حيث تشير الدلائل إلى أن النظام المصرفي بدأ يتأثر بشكل كبير من الارتفاع التاريخي السريع لرفع أسعار الفائدة.
ثانيا. الفيدرالي هو الأقرب بين البنوك المركزية للتوقف المؤقت عن رفع الفوائد:
تشير التوقعات إلى أن الفيدرالي سيصل مساء الغد إلى نقطة توقف مؤقتة، وهو ما سيسير عليه بقية البنوك المركزية العالمية.
وسيجتمع بعد الفيدرالي كل من البنك المركزي الأوروبي يوم الخميس، وبنك انجلترا الاسبوع المقبل.
إلا أن الفيدرالي الأمريكي هو الأعلى على مستوى الفوائد، مما يجعل من الأمريكي الأقرب للتوقف المؤقت، كما كان الأسرع في بدئها.
وما بين فوائد مرتفعة، وتضخم ما زال عنيدا خاصة في ظل ما يدعمه من مؤشرات اقتصادية (مؤشرات العمل تحديدا).
ثالثا. التوقف المؤقت في ظل أزمة تطال المصارف:
سيكون الفيدرالي أمام امتحان يوجب عليه التوقف المؤقت، خاصة وأن الإقراض المصرفي قد استقر بشق الأنفس الآن بعدما انخفض بنسبة 1.7% في منتصف شهر آذار الماضي.
ولكن المسألة الأهم، لا تتعلق بالفوائد ورفعها، بل تتعلق بمستقبل الفوائد، وشروط الائتمان التي يبدو أنها ستصبح أكثر صرامة.
حيث قال ماثيو لوزيتي ، كبير الاقتصاديين الأمريكيين في دويتشه بنك:
“قد تكون الزيادة القادمة هي الأخيرة، ولكننا لا نستبعد أن هناك زيادة أخرى في يونيو”.
كما قال أيضا:
“أرجح أن يشير رئيس الفيدرالية إلى ضرورة الاستمرار في مكافحة التضخم”.
رابعا. المقاربة بين رفع الفوائد الآن وقبل الأزمة المالية 2008:
إذا ما قارنا بين عملية رفع الفوائد بين عام 2022/2023، وعام 2004، فإننا سنلاحظ أمرا خطيرا جدا:
“أن الفوائد التي بدأت بالارتفاع في يونيو من عام 2004 كان تسير بشكل أبطئ، من 1% إلى 5.25% حتى عام 2006”.
بينما وفي الوضع الحالي فإنه تم رفع الفوائد بمقدار 5% خلال 10 اجتماعات، ما يعني نصف نقطة في كل اجتماع.
وهذه المقاربة للتذكير والتأكيد على سرعة رفع الفوائد هذه المرة، وما يترتب عليه الآن من انهيار بنوك يتم انقاذها بسرعة شديدة.
فقد قال معظم مسؤولي الفيدرالي في ديسمبر من العام الماضي، وآذار من العام الحالي:
” إنهم يشعرون بأنه سيكون نقطة توقف مناسبة”.
والآن فإن المحللين يتحدثون عن احتمالية كبيرة بأن يواجه الفيدرالي مشكلة خلال الشهور القادمة.
حيث يرى بعض المراقبين الآن بأن معدلات البطالة سترتفع خلال الشهرين القادمين.
خامسا. المعدل الآن أعلى من المعدل المحايد للاستقرار:
إن مستوى 5.25% هو الآن أعلى بمعدل 1% من المعدل الذي يعتبره بعض مسؤولي الفيدرالي بأن له تأثير محايد على النشاط الاقتصادي.
أي أن هذا المستوى سيكون له تأثير كبير على تخفيض التضخم خلال الشهور القادمة.
حيث سيدفع هذا المعدل الأسر والشركات إلى الحد من الانفاق والتوظيف.
سادسا. الفوائد هذه المرة قد لا تنخفض لمستويات منخفضة جدا:
بحسب التجارب التاريخية، فإن الفيدرالي حينما كان يرفع الفوائد بمقدار أعلى من 5% فإنه كان يحتفظ بهذا المعدل لما يزيد قليلا عن عام.
وأقرب هذه المفارقات ما حدث بعد عام 2006، قبل أن تحدث الأزمة المالية، ليندفع الفيدرالي إلى حملة تخفيض متشددة لتصل الفوائد بعد ذلك إلى مستويات صفرية.
ولكن المستويات الصفرية لن تعود مرة أخرى نظرا لأنها متطلب مصرفي، للحفاظ على مستويات طيبة من الأرباح.
أي أن الفوائد إن انخفضت في هذه الحالة فإنها لن تعود إلى مستويات منخفضة جدا.
وقد قال جو بروسولاس، كبير الاقتصاديين الأمريكيين في RSM:
“إن اجتماع الفيدرالي الأمريكي هذه المرة سيدفع باول إلى أن يوقف رفع الفوائد كنتيجة لا مفر منها”.
تم الاستناد في إعداد هذه المقالة، من خلال المقالة التالية وإعادة صياغتها بتصرف:
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية