لا يخلو يوم واحد إلا ونستمع أو نراقب أو نسأل عن الدولار الأميركي وسعر صرفه أمام باقي العملات الاخرى، وتحديدا اليورو والجنيه الاسترليني، وفي سوقنا الفلسطيني فإن عملة الشيكل تضاف للقائمة، وقبل البدء فإنه لابد من الاعتراف حقيقة بأن هناك حرب تُقاد على الدولار الأميركي من قبل مختلف الدول أو الجهات، وذلك بهدف إما التنويع أو التخلص من تهديد الدولار الأميركي، ولكن وإحقاقا للحق، فإنه وعلى الرغم من كل هذه المحاولات، وهي قائمة فعلا، إلا أننا ما زلنا نتساءل كل يوم عن سعر صرف أي شيء بالدولار، الذهب أو العملات الأخرى، أو الأصول أو المعادن، أو الاستيراد، او تكلفة التصدير، كل شيء، ما زلنا نتساؤل عنه مقابل الدولار، وفي هذه المقالة سأعرض عليكم أربعة أمور ستغير خارطة الاقتصاد العالمي بشكل لا يمكن بعدها توقعه.
وهنا فإن هذه المقالة لن تكون طويلة جدا، ولكن وحتى لا يتم فهم الأمر بشكل خاطئ، فإن مسألة تحديد موعد لانهيار الدولار، وإن حدثت، فإنها مجرد تكهنات، قد اضع رقم عشرة، لأنه يعجبني كرقم لاعب مثلا، وقد يعجبني رقم 30، لأنه يعجبني كرقم حظ، وانا عن نفسي أحب رقم 100 فهو رقم يشير إلى أن هاتفي ممتلئ ولا شيء أقلق عليه.
نبدأ الآن مع أربعة أمور وأحداث سترسم ملامح وخارطة الاقتصاد العالمي بشكل مغاير.
أولا. قرار الصين الذي سيبدأ بتاريخ 1 آب القادم
قررت الصين منذ اسبوع تقريبا وضع قيود على تصدير معدنين هما الجيرمانيوم والغاليوم، وهما معدنان أساسيان ومهمان، ومصيريان لكثير من الصناعات، وأبرزها
-
السيارات الكهربائية
-
البطاريات بمختلف انواعها.
-
الصناعات الكيماوية
-
واشباه الموصلات على مختلف أشكالها.
ونحن هنا نتحدث عن معدنيين تتحكم الصين بأكثر من 85% بأحدهما و60% بالآخر.
ولكن الأمر المهم هنا ليس المعدنيين، بل تأثيرهما على الاسعار لأمور بدأنا نشهد تراجعا في سعرها، والأمر الآخر أن الصين بدأت بالرد عميقا، ولا ندري كيف ستكون العواقب أو القرارات القادمة، لذا ركزوا على فحوى القرار وليس القرار نفسه.
ثانيا. انتهاء اتفاقية البحر الاسود الاوكرانية:
في الامس انتهت اتفاقية البحر الاسود الاوكرانية، والتي تعني أن هناك 33 مليون طن من الحبوب والزيوت النباتية وغيرها ستواجه معضلة في النقل.
حيث قد نذهب لطرق أخرى بديلة ذات تكلفة أعلى أو ذات مسار أطول.
وهنا فإن انتهاء الاتفاقية ليس المهم، ولكن توقيتها، خاصة مع اقتراب موعد حصاد الاوكرانيين لأمور مهمة جدا، أي أن روسيا بدأت بالرد على قائمة غير منتهية من العقوبات السابقة في توقيت ذكي.
ثالثا. الفرحة المزيفة بانتهاء رحلة الفوائد:
باختصار، فرح البنوك باقتراب انتهاء رحلة الفوائد، لا يعني أن المشكلة قد انتهت.
حيث الأموال المخزنة هي بتكلفة كانت ترتفع منذ آذار / 2023، وهذا يعني عدم القدرة على الاقراض بتكلفة منخفضة كما الماضي.
أيضا هناك قواعد مصرفية وائتمانية متشددة الآن خاصة للتأكد من عدم إعادة الأزمة التي حدثت بداية العام الجاري.
لذا فالفرح بتوقف رفع الفوائد لا يعني انتهاء الألم بشكل سحري، فالأمر ليس ابرة بدولارين.
رابعا. خارطة الاقتصاد تتغير:
اوروبا تزداد فقرا، وأميركا تزداد غنى وتجبرا، والشرق الأوسط يشهد معاهدات جديدة، واتفاقيات تحاك سراً.
وإن كنت أنا المدون في موقعي أتحدث عن هذه الخارطة، فلابد أن الجهات العليا تدركها، وسوف لن يكون الرد سهلا أو متوقعا.
إذن فكل ما مضى سيغير الخارطة الاقتصادية العالمية، ويجعلها أكثر صعوبة للتوقع والتنبؤ.
حيث أنه إما رد أميركي صارم يزيد الدولار قوة، أو استخدام للدولار لضرب كل الجهود.
أو أننا نقبل على تغير خارطة لا نعلم فيها القوي من الضعيف.
ملاحظة: هذه المقالة ليست استشارية، وانما لوضع الجميع في صورة الحدث بالشكل الأفضل قدر الإمكان.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية