أشارت دائرة الإحصاء الأمريكية إلى ارتفاع أعداد العاطلين عن العمل لرقم قياسي جديد وهو 40.8 مليون شخص، في الوقت الذي وصلت فيه أعداد المتقدمين لإعانة البطالة 2.1 مليون شخص على أساس أسبوعي كما في نهاية الأسبوع الماضي، تأتي هذه الأرقام في الوقت الذي أنفقت فيه الولايات المتحدة الأمريكية 11% من ناتجها المحلي الإجمالي، والذي انخفض هو أيضا بنسبة 4-5% عن الرقم الذي حققه في نهاية العام 2019 حينما تجاوز ناتجها 21 تريليون دولار بسبب كورونا.
لماذا لم تثمر خطط التحفيز الأمريكية في تخفيض أعداد العاطلين عن العمل؟
دعونا نعترف أولا بأن الولايات المتحدة الأمريكية كانت من أوائل من قام بتقديم تريليونات الدولارات لإنقاذ اقتصادها من تداعيات كورونا، إلا أن الكثيرين هاجموا هذه الخطط منذ البداية، وأعلنوا عن عدم منطقيتها، وهذا بخلاف برنامج التحفيز الذي أعلنته المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركيل”، الذي لاقى صدى أكثر من رائع، حينما اتضح بأن هذا البرنامج وضع خطوطاً مُحددة وصريحة وذات أرقام واستراتيجيات متوسطة وطويلة الأجل على مستوى أوروبا وليس ألمانيا فقط.
أما عن السبب الآخر لعدم نجاح خطط التحفيز في تخفيض أعداد العاطلين عن العمل في أمريكا، فهو بسبب تركيبة الاقتصاد الأمريكي وقطاعاته من جهة، والآثار السلبية المباشرة لفايروس كورونا والتي فضحت طبيعة الاقتصاد الأمريكي من جهة أخرى، فنحن نتحدث عن 21% من اعتماد الاقتصاد الأمريكي على القطاع الخدمي، يليه القطاع التجاري، وهما القطاعان اللذان تعطلا بشكل كامل تقريبا، فتعطُلُ قطاع الطيران، وقطاع التجارة الخارجية، ثم ما لبث أن تدهور قطاع النفط، فشركات البيع على التجزئة، ثم استمرار في خسائر البورصة الأمريكية، وهو ما زاد من عدد العاطلين عن العمل، ناهيك عن الأرقام الأخرى من للذين تقدموا بطلبات إعانة البطالة على غير وجه حق، وفق مصادر من الداخل الأمريكي لموقع وصفحة كواليس المال.
والآن أعُرِجُ على البرنامج التحفيزي الأمريكي نفسه؛ حيث أعلن الفيدرالي الأمريكي في تاريخ 16/5/2020 عن استغلال 600 بنك جزءً من هذه الأموال من خلال قروض لشركات صغيرة، في الوقت الذي أعلن فيه اليوم الفيدرالي الأمريكي أنه قد تم استغلال جزء كبير من البرنامج التحفيزي حتى وقتنا الحالي، وهو ما يمكن استخدامه ضد البرنامج التحفيزي نفسه، حيث أن البرنامج لن يؤتي ثماره إلا وفق شرطين، الأول وهو عودة الاقتصاد العالمي وليس الأمريكي فحسب، وبشرطين ضمنيين آخرين وهما عودة الإنتاج العالمي وعودة الطلب على النفط الأمريكي مع انخفاض المخزون النفطي الأمريكي، أما الشرط الآخر، فهو انتهاء فايروس كورونا بعقّار فعال ونهائي.
وسنقوم بإذن الله بالمتابعة الحثيثة، وتقديم التحليلات أولا بأول بإذن الله تعالى، ضمن موقع كواليس المال.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية