تعتبر زراعة الزيتون في فلسطين العصب الحيوي للزراعة، ومصدرا مهما للتنمية على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي لأفراد المجتمع الفلسطيني، وهوما يدفع إلى التفكير بواقع موسم الزيتون في فلسطين وكيف سيكون لهذا العام.
حيث أن زراعة الزيتون في فلسطين لها أهمية كبيرة على الصعيد الاقتصادي من خلال أنه:
أ. مصدر دخل مهم لنسبة كبيرة من المزارعين والمنتجين من أصحاب المزارع المتوسطة والكبيرة.
ب. يوفر مدخلات إنتاج رئيسية لعدد من الصناعات في قطاع الصناعات الغذائية ومواد التجميل والأدوية.
ج. يوفر فرصا عديدة للعمالة سواء كان للعناية بالأشجار أو قطف الزيتون أو العمل داخل المعاصر وغيرها من الصناعات ذات الصلة بالزيتون.
أما على صعيد الأهمية الغذائية فيشكل الزيتون ركيزة من ركائز السلة الغذائية لدى الأسر الفلسطينية التي لا يغيب الزيتون وزيته عن موائدها.
إلى جانب ما يؤديه تواجد شجر الزيتون في الأرياف من تخفيف من نسبة الهجرة من الريف إلى المدينة خلال فرص العمل التي يوفرها.
ناهيك عن مكانة شجر الزيتون باعتبارها رمزا للصمود والتمسك بالأرض في الثقافة الفلسطينية الحديثة والتقليدية.
واقع قطاع الزيتون في فلسطين وموسم الزيتون لموسم 2019:
تبلغ مساحة أراضي الزيتون أكثر من 498 ألف دونم بإجمالي 7.79 مليون شجرة، أغلبها يقع في الضفة الغربية.
وذلك وفقا لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في المسح الزراعي الذي تم إجراؤه عام 2011.
كما يهتم الكثيرون في معرفة ما يخص الإنتاج الفلسطيني من كمية الزيتون وزيت الزيتون بشكل رسمي سنوي ودوري.
ومن أجل ذلك يقوم الجهاز المركزي بإصدار نتائج مسح سنويٍّ يشمل كل من:
أولا. كمية وقيمة إنتاج زي الزيتون.
ثانيا. قيم مستلزمات الإنتاج السلعية
ثالثا. قيمة استهلاك الكهرباء والمياه والوقود وحجم العمالة وتعويضات العاملين من أجور نقدية وعينية، إضافة إلى القيمة المضافة لنشاط معاصر الزيتون السنوي.
وفيما يلي النتائج الرسمية عن موسم الزيتون عن العام الماضي 2019:
أولا. عدد معاصر الزيتون
بلغ عدد معاصر الزيتون في فلسطين 302 معصرة عن العام 2019، منها 285 معصرة عاملة و 17 مغلقة مؤقتا.
وقد مثلت المعاصر الأتوماتيكية من إجمالي هذه المعاصر نسبة 96%، فيما مثلت النسبة الباقية المعاصر نصف الأوتوماتيكية.
أما عن أماكن تواجد المعاصر فقد جاءت وفق الترتيب التالي:
جنين وطوباس والأغوار الشمالية، ثم نابلس، فرام الله والبيرة، ثم طولكرم، والخليل، وسلفيت فقلقيلية، فغزة وشمال غزة، ثم خانيونس ورفح ، ثم دير البلح، ثم بيت لحم، وأخيرا القدس.
ثانيا. كمية الزيتون المدروس:
أما ما يتعلق بكمية الزيتون التي تم تزويد المعاصر بها بهدف استخراج الزيت، فقد وصل العام الماضي 177.610.8 طن متري بنسبة ارتفاع بلغت 200% عن الموسم الماضي.
وقد ساهمت محافظتي جنين وطوباس والأغوار الشمالية بنسبة الربع تلتها محافظة طولكرم بنسبة 13.6%.
أما عن كمية الزيت المستخرج لموسم 2019 فقد بلغت 39,609.8 طن متري مقابل 14,740.4 طن في الموسم السابق.
مؤشر السيولة:
وإذا تحدثنا عن مؤشر السيولة والتي تشير إلى كمية الزيت المستخرج مقسومة على كمية الزيتون المدروس فإننا سنلحظ تفاوتا كبيرا بين المحافظات على النحو التالي:
-
أعلى نسبة بلغت في قلقيلية حيث مثلت 25%.
-
وأدنى نسبة سيولة سُجلت في محافظتي غزة وشمال غزة بنسبة 16.8%.
ثالثا. العمالة وتعويضات العاملين
بلغ عدد العاملين في معاصر الزيتون في فلسطين 1859 عامل للموسم الماضي 2019، مثلت نسبة 81% منهم بأجر، وبتعويضات (الأجور) بلغت قيمة 2.1 مليون دولار أمريكي.
ويلاحظ أن محافظة الخليل مثل العاملون بأجر نفس نسبة العاملون بدون أجر.
رابعا. القيمة المضافة والاستهلاك الوسيط والإنتاج:
أما عن القيمة المضافة (القيمة المتولدة لأية وحدة تمارس أي نشاط إنتاجي) لنشاط معاصر الزيتون لموسم عام 2019 فقد بلغت حوالي 19.1 مليون دولار بارتفاع وصل إلى 177% مقارنة مع موسم عام 2018.
أما عن الاستهلاك الوسيط (والذي يمثل قيمة السلع والخدمات التي تستهلك كمدخلات لعملية الإنتاج) فقد مثل قيمة 4.8 مليون دولار أمريكي.
وفيما يتعلق بإنتاج المعاصر فقد بلغت حوالي 23.9 مليون دولار للموسم الحالي.
كيف سيكون موسم الزيتون في فلسطين لهذا العام:
يبدأ موسم الزيتون في الأراضي الفلسطيني ابتداء من شهر تشرين الثاني (الشهر العاشر من السنة الميلادية)؛ حيث يستقبله أبناء الشعب الفلسطيني وخاصة في الأرياف بلهفة واهتمام كبير.
إلا أنه يأتي اليوم في ظل ظروف صحية حرجة وإجراءات صعبة بسبب فايروس كورونا، وهذا ما يدفع إلى النظر إليه من خلال رأيين مختلفين:
الأول: زيادة حجم الإنتاج من موسم الزيتون
ويتم تفسير هذا الرأي من خلال نسبة البطالة التي ارتفعت، وهو ما سيدفع الكثيرين إلى التوجه نحو موسم الزيتون بشكل أكبر عن ذي قبل.
إضافة إلى أنه سيعتبر موردا ماليا بديلا للكثير من الأسر الفلسطينية التي تضررت بسبب الاغلاقات الاقتصادية.
الثاني: انخفاض حجم الإنتاج الزراعي
ويستند هذا الرأي إلى موجة الحرّ العالية التي حدثت في هذا العام والتي أثرت بشكل كبير على الزيتون.
نتائج دراسة واقع موسم الزيتون في فلسطين وقطاع الزيتون
يظهر من الأرقام والبيانات الظاهرة أعلاه أن الغلة الخاصة بالزيتون كانت جيدة على الرغم من عدم إبداء الاهتمام الكامل بزراعة الزيتون، والاعتماد على الزراعة البعلية بشكل كبير.
كما يمكن استقراء بعض النتائج الأخرى من خلال ما سبق ذكره، ومنها:
-
معاناة قطاع الزيتون الفلسطيني من أزمة سيطرة قوات الاحتلال على الكثير من أراضي عام 1967.
-
تأثير حالة الفوضى وعدم تنظيم هذا القطاع بشكل رسمي وقيادي كافٍ لتنظيم الجهود الشعبية والمؤسساتية لدعم قطاع زراعة الزيتون.
-
تركز الإنتاج في مناطق شمال الضفة ووسطها، وانخفاض القدرة الإنتاجية في قطاع غزة نظرا للمساحة وما يعانيه القطاع من ظروف قاهرة.
بالعودة إلى دراسات أخرى وأهمها دراسة “نحو تطوير تنافسية قطاع الزيتون الفلسطيني” الصادرة عن معهد ماس في العام 2016، فإن هناك بعض التهديدات الأخرى التي يعاني منها القطاع، وأهمها:
-
ما زالت السلالات غير المحسنة من الزيتون مسيطرة على قطاع الزيتون الفلسطيني.
-
ما زال هناك عدم جدوى مزارع الزيتون الصغيرة جدا والصغيرة والبالغ مساحتها 10 دونمات فأقل والتي تشمل 50.5% من بساتين الزيتون.
-
ضعف منظومة الإرشاد الزراعي بشكل عام وقطاع الزيتون بشكل خاص.
-
قلة البحث العلمي التطبيقي في قطاع الزيتون لإيجاد الحلول الملائمة للتحديات.
التوصيات الخاصة بقطاع الزيتون في فلسطين:
وبناء على ما سبق من بيانات ونتائج، فإن هناك العديد من التوصيات التي يمكن تقديمها للمزارعين والجهات الرسمية والمهتمة بقطاع الزيتون، ومنها:
-
ضرورة مراجعة القوانين والأنظمة ذات العلاقة بقطاع الزيتون والمؤثرة عليه، وتفعيل قوانين تنشيط وتطوير هذا القطاع.
-
العمل على تشجيع إقامة الجمعيات التعاونية التي تسهل من تشجيع الزراعة وتسهيل عملية التجارة الخاصة بمنتجات الزيتون.
-
العمل على وضع اتفاقيات دولية بهدف تنشيط التجارة الخارجية للزيتون ومشتقاته مع الدول الإقليمية المحيطة.
-
تطوير منظومة الإرشاد الزراعي في قطاع الزيتون ورفده بالخبرات والكفاءات الضرورية.
-
الترويج وتحفيز المزارعين للاهتمام بقطاع الزيتون بشكل أكبر
-
تدريب العمالة الماهرة وخاصة في عمليات التقليم، والعمل على استخدام الأدوات الحديثة والآمنة في ذلك.