يبدو أن هذا السؤال الأبدي والذي يطرحه الموظف على نفسه سيبقى معضلة عند الأغلبية، خاصة وأن العوامل التي تدفع الموظف إلى الخوف من ترك الوظائف والبدء بمشروعٍ خاص زادت خلال الجائحة الحالية، فما هي أسباب تمسكنا بالوظائف ولماذا لا نترك الوظائف ونبدأ بمشروعنا الخاص ؟
حينما قمت بالبحث عن الاسباب الموجبة لتمسك الموظفين بوظائفهم رغم بغضهم لها، توصلت إلى عدة أسباب.
ولن أتطرق إلى السبب التقليدي المتعلق بالاستقرار والحصول على مصدر دخل منتظم ومعلوم المقدام باعتباره سبب مباشر وواضح.
أما عن الأسباب المباشرة والتي يلعب العامل النفسي دورا كبيرا في تكوينها لدى الموظف فهي على النحو التالي:
السبب الأول. الخوف من الضياع:
يقوم الموظف خلال عمله الوظيفي بتطوير أمرٍ نفسي يحاول من خلاله إقناع نفسه بأنه راضٍ عن وظيفته برغم كل الصعوبات التي يواجهها.
وقد تم إدراج مصطلح الخوف من الضياع في قاموس أكسفورد باختصار FOMO: Fair of Missing Out.
وقد وجد المحللون النفسيون بأن الموظف يكوّن في عقله الباطن تخوفاً من فكرة انتقاله من عمله الحالي لعمل جديد؛
وذلك لأنه مقتنع بأنه يمتلك استقرارا وظيفيا وراتبا مستقرا، إلى جانب إلمامه بعمله بشكل كامل.
السبب الثاني. تخوف الموظف بأنه ليس جيدا بما فيه الكفاية:
الكثيرون ممن يتمسكون بوظائفهم لسنوات طويلة، يعتقدون في داخلهم بأنهم ليسوا على درجة جيّدة من المهارة للانتقال من وظائفهم لمشروع شخصي.
وهذا تخوفٌ مشروع إذا ما تم ربطه بالأسباب الأخرى التالية.
السبب الثالث. عدم الرغبة في بذل مجهود إضافي:
للنجاح عدة قواعد ومن أهمها أنه ولتحقيقه فإنه لابد من توسيع الأفق وبذل الجهد المستمر للتعلم والتطور.
وهو ما قد يتعارض مع طبيعة الموظف الذي اعتاد لسنوات بذل جهد معلوم المقدار والوقت.
وهو ما أتاح الفرصة أمام الموظف لقضاء ساعات ما بعد العمل في الراحة والجلوس بين الأهل، وهو ما ينعكس بشكل نفسي للميول نحو الكسل بطريقة غير مباشرة.
السبب الرابع. الشعور بعدم امتلاك الوقت بشكل دائم:
تشير العديد من الدراسات إلى أن الموظف في الغالب لا يعمل بأكثر من ربع وقته، وهذا يعكس الوقت غير المستغل الذي يمتلكه الموظف.
وهذا الوقت المُهدر غير المستغل يدفع الموظف إلى الشعور بالإرهاق والاسترخاء وعدم الرغبة أو القدرة على بذل الجهد في التفكير بمشاريع خاصة.
السبب الخامس. عدم امتلاك القدر الكافي من المال للبدء بالمشاريع:
إن الاسباب المالية هي السبب الرئيسي والمباشر وراء عدم قيام أي شخص بالبدء بمشروعه الخاص حتى وإن كان واعداً.
ولكن اللافت بالأمر أن أغلب المشاريع الناجحة والواعدة لم تبدأ كبيرة، وإنما بدأت بذكاء ودراية وحسن إدارة أصحابها.
ولن نتحدث كثيرا عن تذرع الكثيرين بقلة الموارد المالية، وذلك لأننا سنتختم مقالتنا بالسبب الأخير التالي.
السبب السادس. اختلاق الأعذار وأسباب الفشل المسبقة:
إن اختلاق الأعذار لا يقتصر على ضعف الموارد المالية أو المادية، وإنما يمتد ليشمل الكثير من الأمور التي يضعها الناس عائقا أمام القيام بأي مشروع.
أضف إلى هذا السبب إحاطة الموظف نفسه بالأشخاص المحبطين والذين يؤكدون على صحة هذه الأعذار مما يحول دون القيام بأي مشروع.
هذه كانت الأسباب الستة المهمة للمحاولة عن إجابة السؤال المقالة الرئيسي: لماذا لا نترك الوظائف ونبدأ بمشروعنا الخاص .
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية