تعرض الدولار الأمريكي إلى الانخفاض بشكل ملحوظ، وتحديدا منذ بداية الانتخابات الأمريكية في الثالث من نوفمبر الماضي، وأمام هذا التراجع بات الكثيرون في ارتباك وحيرة وتساؤل مشروع عن سبب انخفاض الدولار الأمريكي من جانب وإلى متى سيبقى هذا الانخفاض؟
إلّا أنه وقبل محاولة الإجابة عن هذا السؤال، فإنه تجدر الإشارة إلى أن ما سأسرده هو محاولات تفسيرية وليست أسباب قاطعة للانخفاض.
وللإجابة عن هذا السؤال سنتناول الموضوع عبر المحاور التالية:
المحور الأول: الأسباب الأمريكية لانخفاض عملة الدولار الأمريكي:
تحدث مدير الخزانة الأمريكي في الثلث الأخير من الشهر الماضي عن توقف برامج الإقراض المؤقتة في بداية شهر ديسمبر والذي يصادف اليوم.
وهي تلك البرامج التي انطلقت بالتزامن مع كورونا للحيلولة من أو تخفيف العواقب الصحية على النشاط الاقتصادي .
وقد قوبل هذا الإعلان بالكثير من التذمر والاعتراض، كان آخرها ما تحدث عنه جيروم باول مساء الأمس حينما قال:
“إن الاقتصاد الأمريكي بحاجة لبرامج التحفيز”
و “إن التوقعات الاقتصادية مفرطة في التفاؤل إلى قدر كبير”.
هذا سبب مباشر للإنخفاض، ولكن الأسباب الأخرى فإنها تتعلق بالشؤون السياسية في البيت الأبيض.
فمن جهة نحن نمر في المرحلة الانتقالية الرئاسية والتي تتضح معالمها ببطئٍ شديد، خاصة مع تصريحات ترامب السيئة.
والحديث عن هذه المرحلة يمتد حتى تاريخ 20 من كانون الثاني القادم، وهو الموعد الرسمي لاستلام بايدن.
الشأن الأخر والذي يتعلق بمصير الدولار الأمريكي فيتعلق بالشأن الصحي في أمريكا؛ حيث تسجيل الإصابات واستمرار عمليات الإغلاق المعلن عنها في بعض الولايات وليس كلها.
وهذا التضارب في الإغلاق أدى إلى تضارب في المؤشرات الاقتصادية والتي كانت قد انتعشت في شهري أيلول وتشرين أول، قبل أن تتراجع في شهر تشرين ثاني (نوفمبر) الماضي.
إذن فالحديث في الشأن الأمريكي يتعلق في:
بسوء بإدارة الملفات الاقتصادية (كيفية إدارة الأزمة خلال الجائحة وما بعدها).
والحديث عن الملفات الصحية (المتضاربة) -رغم أمرٍ سأتحدث عنه في المحور الثالث-، إلى جانب الملفات السياسية المضطربة نوعا ما”.
المحور الثاني. الأسباب الاقتصادية لانخفاض عملة الدولار الأمريكي:
إذا خرجنا من البيت الأمريكي وشؤونه، فسنكون أمام توقف جزئي في الأعمال التجارية وتحديدا الخارجية.
وهو التوقف الذي بدأ من عمليات الإغلاقات التي تم فرضها منذ شهر نوفمبر، ومخاوف الدول من الموجة الأخطر من كورونا.
إن هذا التوقف يدفع إلى عدم الثقة بالدولار الأمريكي والذهاب إلى الملاذات الآمنة مثل الذهب وأمر آخر.
المحور الثالث: حتى متى سينخفض الدولار الأمريكي؟
بعد هذا القدر من التشاؤم في طرح الأسباب الممكنة لانخفاض الدولار، فإنه لابد من التنويه إلى بعض إشارات التفاؤل.
فعلى صعيد الاسباب السياسية؛ لابد من الاعتراف بأن بايدن يتجه شيئا فشيئا من البيت الأبيض دون الحاجة إلى المحكمة العليا.
خاصة وأن ترامب يخسر معاركه الانتخابية واعتراضاته بشكل رسمي عبر المحاكم التي تُسقط اتهاماته بتزوير الانتخابات.
أما على صعيد الصحة التي أثرت على الاقتصاد؛ فإننا أمام كم كبير من الأخبار الإيجابية عن لقاحات موديرنا وفايزر واسترازينيكا وغيرها.
وحتى نستطيع التنبؤ بموعد لانتهاء انخفاض الدولار الأمريكي، فإنه لابد من الانتباه لأمرين:
الأول هو المزيد من الانتظار حتى نهاية العام الحالي بالنسبة للشأن السياسي الأمريكي، واستلام بايدن رسميا.
حيث اشرنا في مقالة سابقة عن خطورة عملية نقل السلطة في حال بقيت الأمور مضطربة.
أما الآخر فيتعلق بمتابعة الأخبار الخاصة باللقاحات وإعطاء الأذن الرسمي والطاريء لأحد اللقاحات والانتهاء من شبح الفايروس.
أما الأمر الأهم والذي يجب التنويه إليه أن الدولار الأمريكي لن يرتفع إلى تلك المستويات التي تطمحون إليها قبل حياة شبه طبيعية لما كان عليه الحال قبل كورونا.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية