اخترت أن إعيد صياغة مقالة منشورة عبر مجلة فوربس بعنوان يمثل مقولة وزير الخزانة جون كونالي عام 1971 حينما قال: ” الدولار الأمريكي هو عملة أمريكا ولكنه مشكلة العالم “.
وسأتناول في المقالة التالية أكبر المخاوف التي تخشاها البنوك العالمية فيما يتعلق بتصنيف أمريكا الائتماني.
إلى جانب التحدث عن شخصية قد تعزز الآمال والتفاؤل بعودة الدولار إلى قوته ومساره الصاعد.
يتوجب الآن على بايدن بذل الكثير من الجهود لتجنب انهيار الدولار بشكل أكبر، حتى لا يتأثر تصنيف أمريكا الائتماني، والذي -وإن حدثت- فإنه سيوجه ضربة ضخمة وموجعة للبنوك المركزية التي تمتلك سندات (ديون) أمريكا بتريليونات الدولارات.
ولا تعتبر هذه المخاوف مخاوفاً جديدة أو خيالية، ففي عام 2011 وبعد ثلاث سنوات من الأزمة المالية العالمية، قامت شركة ستاندرد أند بورز بتخفيض التصنيف الإئتماني لواشنطن على خلفية نزاع بين الديموقراطيين والجمهوريين بشأن قدرة وزراة الخزانة الأمريكية على الاقتراض.
فيما اعتُبر بأنه تهديد واضح وكبير للبنوك المركزية، وتحديدا فيما يتعلق بالسندات الحكومية الأمريكية التي تمتلكها البنوك الآسيوية.
إلا أن ما أنقذ الموضوع آنذاك، تمثل في أن وكالات التصنيف الأخرى (موديز، وفيتش) لم تحذوا حذو ستاندرد أند بورز، وحافظت على تصنيفاتها لأكبر اقتصاد في العالم.
ثم مضت الأيام على تلك المشكلة التي أرقت محافظي البنوك حول العالم، ليأتي العام 2017 ويستلم دونالد ترامب سدة الحكم.
حيث دخل ترامب وعينه على أسعار صرف العملات الأخرى المنخفضة أمام الدولار، والتي وصفها بأنها وسيلة وضيعة لسرقة الوظائف الأمريكية.
وهي الأمور التي تحدث عنها كثيرا أثناء حملته الانتخابية، وأشار بأنه سيتخلف عن سداد ديون أمريكا إذا لم يتم معالجتها.
كما ذهب ترامب آنذاك إلى أقصى درجات التهديد، وذلك حينما قال عام 2016 أثناء حملته الإنتخابية:
“سأقترض المزيد، فإذا انهار الاقتصاد سأعقد الصفقات من خلال ورقة الديون، أما إذا كان الاقتصاد جيدا، فهو أمر جيد للجميع”.
وبالفعل فقد انهارت نظرية “الدولار الأمريكي القوي” التي استمرت طيلة 23 عاما، في السنة الأولى من عهد ترامب.
أما عن بايدن والذي يستلم خلفا لسياسات ترامب المالية المضطربة، فإنه أمام مشكلة مركبة حقيقية، تتمثل بثلاثة أجزاء:
الجزء الأول يتعلق بعبء الدين الأمريكي الخارجي، المتمثل بالسندات، وضرورة المحافظة على تصنيفه بشكل جيد.
فيما يتمثل الجزء الثاني بارتفاع عبء الديون الداخلية بعد حزم التحفيز التريليونية التاريخية.
فيما يتمثل الجزء الثالث بمسألة سعر صرف الدولار والذي تم تخفيض تصنيفه من قبل تجار العملات طيلة العام 2020.
وهذه المشكلة المركبة من شأنها أن تعيد البنوك العالمية والآسيوية على وجه التحديد، إلى مخاوف عام 2011.
إلّا أن الحل العاجل للدولار الأمريكي، قد يتمثل بشخص “جانيت يالين”، وزيرة الخزانة في عهد بايدن.
حيث تمتلك هذه المرأة والتي عملت كرئيسة للفيدرالي الأمريكي بين الأعوام 2014-2018، خبرة كافية للتعامل مع الدولار المهتز حاليا.
إلى جانب التفاؤل من قبل المحللين بامتلاك بايدن وجانيت، خطة جيدة للتعامل مع الوباء الحالي، وإعادة إنعاش الاقتصاد.
ولكن هذا التعامل سيدفع إلى ضرورة مواجهة بايدن لأمرين خطيرين هما:
الصين، وطموحها في الهيمنة العالمية، وتحويل عملتها إلى عملة احتياطي عالمية تدريجيا.
والمصرفيين الآسيويين الذين يفقدون الثقة شيئا فشيئا بالدولار الأمريكي، والذين قد لا يمتلكون الصبر كما جرت العادة تجاه الاقتصاد الأمريكي.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية