خفض البنك المركزي السوداني قيمة عملة بلاده بشدة، كجزء من جهود أكبر لكسب إعفاء من الديون وإنعاش الاقتصاد المتعثر.
وقد قال القائمون على البنك بأنهم يهدفون من هذه الخطوة إلى جذب الاستثمارات والسيطرة على الواردات والصادرات.
كما تهدف هذه الخطوة بشكل أساسي إلى القضاء على السوق السوداء والسيطرة على تقلبات العملة في دولة ذات عبء دين خارجي يبلغ حوالي 70 مليار دولار.
وقد طالب مقرضون دوليون بهذه الخطوة، إلا أنها قد تهدد بمضاعفة المصاعب في بلد تجاوز معدل التضخم فيه 300%.
وطالب البنك المركزي البنوك ومكاتب الصرافة باعتماد النظام الجديد على الفور، بحسب بيان على موقعه على الإنترنت.
وقال وزير المالية جبريل إبراهيم للصحفيين:
“إن التغيير مهم لمساعدة السودان في الحصول على بعض الإعفاء من الديون، مع الاعتراف بأنه سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار”.
وأضاف قائلا:
“سيتم اتخاذ احتياطات للمساعدة في تخفيف التأثير”، دون ذكر هذه التفاصيل.
وعلى الرغم من عدم إعلان البنك المركزي عن السعر الرسمي الجديد، إلا أن بنك الخرطوم وهو أكبر بنوك البلاد أعلن على موقعه على الانترنت:
“إن السعر قد بلغ 375 جنيها للدولار مقارنة بالسعر الرسمي السابق 55 جنيها في السوق السوداء”.
وأضاف:
“نتوقع أن يكون السعر الجديد قريبا من السعر الذي تم طرحه في السوق السوداء.”
ويبدو أن رأي بنك الخرطوم سيكون متوائما مع الواقع، خاصة وأن كل السلع والخدمات مسعرة بسعر السوق السوداء أساسا.
حيث وجد المحللون بأن تسعير العملة المحلية أمام الدولار بسعر السوق السوداء سيمحو مسألة التعامل الخفي بالأسعار.
كما وافق صندوق النقد الدولي سابقا في أيلول من العام الماضي على برنامج خاضع لمراقبة الموظفين للبلاد، والذي يواجه تحديات رهيبة بما في ذلك نقص السلع الأساسية وارتفاع التضخم والتوترات السياسية.
وبدورها فقد قالت الحكومة السودانية بأن الإنفاق سيرتفع بنحو 60% وبقيمة 18.6 مليار دولار عام 2021 لإنقاذ الاقتصاد.
أما عن المقرضين المحليين فقد أشار البنك السوداني المركزي قائلا لهم:
“إن أسعاركم يجب أن تقع في نطاق 5% أقل أو أعلى من المعدل الرسمي ، بناءً على العرض والطلب”.
إلا أن هناك من رأى بأن هذه الخطوة ستكون محفوفة بالمخاطر مثل الاقتصادي وليد النور، وذلك حينما قال:
“إن خطوة خفض قيمة الجنيه محفوفة بالمخاطر وسيكون لها تأثير سلبي شديد على الناس والاقتصاد.”
وأكد على أن تخفيض قيمة العملة سيكون هائلاً إذا لم يكن لدى البنك المركزي مدخرات نقدية كافية من العملة الصعبة.
وأضاف مؤكدا على أن التأثير الأكبر سيكون على الطبقة الوسطى وذوي الدخل المحدود.
ولكن المحلل الاقتصادي أبو بكر محمد قال بأن التأثيرات على الناس العاديين ستكون صغيرة، لأن الاقتصاد الرسمي لا يخضع لسيطرة السوق.
وأضاف قائلا:
“لا أعتقد بأن التأثير السلبي سيكون كبيرا، فالاقتصاد لم يكن مبنيا على الاقتصاد الرسمي، بل إن كل الأسعار كانت مقيمة بمعدل السوق السوداء”.
يُذكر بأن الولايات المتحدة الأمركية أزالت اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، مما مهد الطريق أمام السودان للحصول على مساعدة مالية من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية