نشرتُ صحيفةُ economist البريطانية مقالاً مهماً للمراسل الاقتصادي GREGG CARLSTROM بعنوان نهاية العصر الذهبي لمنتجي النفط .
حيث بدأ GREGG مقاله بأوضاع السعودية باعتبارها أكبر منتج للنفط في المنطقة، والتي لاحظ المجتمع الدولي مدى تحور اهتمامها من القطاع النفطي إلى القطاعات والإيرادات غير النفطية.
إلى جانب ما قامت به من مضاعفة ضريبة القيمة المضافة ثلاث مرات عام 2020، لتصل إلى 15%، بهدف تعويض انخفاض إيراداتها.
ويبدو أن هذا التخفيض لن يكون أمرا مؤقتا، خاصة مع اتساع العجوزات الحكومية بسبب انخفاض سعر النفط والطلب العالمي عليه.
حيث أكد “جريج” على أن استمرار السعودية في مشاريعها غير النفطية، تجعل السعوديين أمام واقع تقشفي لا مفر منه.
خاصة وأن السعودية تمضي قُدماً في أكبر مشاريعها العملاقة على الإطلاق، وهي مدينة نيوم بقيمة نصف تريليون دولار.
إلى جانب مشروع منتجعٍ مخطط له على البحر الأحمر، بحيث ستزيد مساحته عن مساحة بعض الدول الأوروبية.
كما توقع “جريج” أن يؤدي ذلك كله إلى خروج الكثيرين من المهاجرين من سوق العمل وتحرير الكثير من الوظائف، بعد تخفيض رواتبهم.
ثم انتقل التقرير إلى الحديث عن واقع الإمارات العربية المتحدة، والتي لن تكون بمنأى عن المشاكل النفطية أيضا.
حيث أشار “جريج” بأن الإمارات ستؤول إلى مجتمعات سكنية شاهقة وفيلات فخمة مُظملة وخالية.
بل أكد الكاتبُ على أن الإمارات قد تخسر حوالي مليون مهاجر (وهو ما يُمثل عُشر السكان المتواجدين في الإمارات).
بينما سيضطر المتبقون في الإمارات ممن تم تخفيض رواتبهم إلى نقل عائلاتهم لشقق أصغر لتخفيض التكاليف.
كما تمت الإشارة إلى استمرار الانخفاضات السعرية الخاصة بالعقار الإماراتي الذي شهد انخفاضا بنسبة 10% عام 2020.
فيما تحدث “جريج” بشيء من التفاؤل عن دبي، عبر بوابة معرض إكسبو العالمي الذي سيقام في أكتوبر 2021.
أما عن الكويت والتي يقوم اقتصادها على النفط بنسبة 90%، فإن أجيالها القادمة ستُثْقَلُ بالديون المستقبلية وفقا للتقرير.
حيث توقع الكاتبُ أن تقوم الكويت باستغلال أسواق سنداتها لسد عجوزاتها، وهو ما قد يصل إلى 15% من إجمالي ناتجها.
واستمر كاتبُ التقرير في توقعاته لمدى قتامة وضع الدول المصدرة للنفط، من خلال تأكيده على ما يلي:
-
مواجهة البحرين وسلطنة عمان صعوبة في الاقتراض.
-
انخفاض قدرة العراق على مواجهة الإنفاق العام لتغطية الرواتب المتضخمة.
-
انخفاض قيمة الاحتياطيات الأجنبية في الجزائر لتصل أقل من 40 مليار دولار مقارنة بمستوى 200 مليار عام 2014.
لقد قام التقرير ببناء هذه الصورة حول نهاية العصر الذهبي لمنتجي النفط بناء على أمرين اثنين؛
حيث تمثل الأمر الأول باستمرار انخفاض الطلب على النفط، في ظل ما تعيشه الدول من إغلاقات على خلفية الموجات الجديدة للفايروس.
فيما تمثل الأمر الثاني بجانب العرض، والذي أكد التقرير على أنه لن يرحم الدول النفطية بدوره أيضا.
حيث توقع التقرير بأن يقوم أعضاء أوبك+ بضخ المزيد من النفط لمحاولة تحسين حصتهم في السوق، رغم التزامهم بسقوف محددة عام 2020.
إن المعطيات التي قام التقرير بسردها تؤكد على ضرورة أن تقوم الدول النفطية بإعادة هيكلة اقتصادياتها والتوجه نحو القطاعات غير النفطية.
إلا أن ذلك يعني وضعَ الدول النفطية أمام امتحان صعب للتحمل أثناء ذلك التحول الدراماتيكي.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية