لقد أصبحت عملية رفع أسعار الفائدة الأمريكية، باعتبارها الجزء الأهم في عملية تشديد السياسة النقدية الأمريكية، أمراً واقعا لا محالة، وإن كان عدد مراتها أو حجم الفائدة القادم الأمر الضبابي الوحيد حتى الآن، فكيف يمكن أن يكون شكل الأداء الاقتصادي العالمي بعد بدء تشديد السياسة النقدية الأمريكية الشهر القادم.
تستعد جميع الأطراف ذات العلاقة بالاقتصاديات من شركات وأسواق من مساهمين ومستثمرين وغيرهم، لأول ارتفاع سعر للفائدة الفيدرالية الشهر القادم.
وهو الأمر الذي سيقود الدولار الأمريكي للارتفاع أمام مختلف العملات، الأمر الذي يمثل تحديا كبيرا أمام الجميع وتحديدا المقترضين بالدولار الأمريكي.
أما عن سوق الأسهم، فيعتبر اللاعب الأكثر تأثرا، بعد عقد من الاستقرار النسبي وتحديدا بعد انتهاء آثار الأزمة المالية العالمية 2008، وتحديدا بعد عام 2012.
إلا أن ارتفاع العوائد على السندات والعملة قد يقود الأسواق إلى حياة أخرى وعقد مالي جديد مختلف.
حيث قال مديرو الصناديق في بنك أوف أمريكا من خلال استطلاع أجراه البنك وفقا لما جاء على صفحات رويترز:
“لقد تراجعت المراكز المالية التي أنشأتها صناديق الاستثمار في أسواق الأسهم العالمية قد تراجعت بنسبة 2% الشهر الماضي”
وهذا ما يعني انحرافا كاملا عن المتوسطات طويلة الأجل، وانعكاسا مثيرا للانتباه لوزن الاستثمارات التي كانت عليه عام 2020.
كما وقد شهد الأسبوع الماضي الاسبوع السابع على التوالي للتدفقات النقدية الخارجة من الأسهم الناشئة.
بينما مثل الاسبوع الرابع على التوالي للخروج من صناديق السندات بالأسواق الناشئة.
ولا تعتبر الأسواق الأخرى، وعموم الاقتصاديات بمنأى عن حدوث صدمة نتيجة التوجه نحو سياسات نقدية جديدة بمعطيات مختلفة.
فما زالت التجارة العالمية تعاني من سياسة الصين في اغلاق أبوابها التزاما بسياستها العامة صفر إصابات.
بينما كانت الصين نفسها على وشك مواجهة انهيار وشيك لقطاع العقارات المثقل بالديون، وهو الأمر الذي شكك فيه الكثيرون.
حيث اعتبروه محاولة حكومية لفرض وبسط سيطرتها على مختلف مفاصل الدولة كما هو حال هجومها على قطاع التكنولوجيا.
كما ولا يختلف الأمر كثيرا في عالم السياسية، والذي سينضم بدوره إلى جملة العوامل التي ستواجهها الأسواق.
حيث يعيش الجميع مخاوف شديدة بشأن غزو روسي محتمل لأوكرانيا.
وهو ما أدى إلى تضخيم أسعار الطاقة العالمية وأزمة التضخم في العملية والضغط المتزايد من أجل رفع أسعار الفائدة الأمريكية.
شكل الأداء الاقتصادي العالمي ! في النتيجة؛
فإن الاقتصاديات العالمية وعلى رأسها أسواق المال، ستتوجه نحو ما يمكن أن نسميه ببداية جديدة تحمل في طياتها العديد من التحديات والتي يرى البعض بأنها قد عاشت عقدا ضائعا بشكل أو بآخر.
بل يشير البعض بأن أسواق الأسهم ستعاود تصحيحا كبيرا بعد عامين كاملين من الأرقام الجامحة.
أما على صعيد البنوك المركزية العالمية، فيبدو بأنها تستعد بشكل كبير لمواجهة ارتفاع أسعار الفائدة.
وذلك من خلال قيام كل بنك مركزي تقريبا، بتشديد سياسته النقدية، باستثناء ما قامت به الصين.
أما على صعيد معدلات التضخم، فيبدو، أيضا، أن العالم سيواجه عقودا من ارتفاعات التضخم بسبب ارتفاع اسعار النفط والسلع الأساسية.
أما الأسهم الأبرز في المؤشرات العالمية، فيبدو بأنها تتجه نحو الحصول على النصيب الأعلى مقارنة بالطاقة والصناعة.
بينما يتحدث الكثيرون بأن أسواق الأسهم الناشئة سوف تشهد انتعاشا لافتا، وانخفاضا في مستوى الاعتماد على أسواق الدول المتقدمة.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية