نتناول في المقالة التالية ارتفاع الدولار الأمريكي وأين يمكن أن يذهب في ارتفاعه أمام العملات الأخرى، وعن الأسباب الثلاثة التي تدفعه إلى المحافظة على قوته في المدى القريب، ومتى سيعاود الانخفاض، وذلك وفقا لتحليل لأهم المؤسسات والمحللين العالميين.
ارتفع الدولار الأمريكي على مدى أشهر ليصل إلى ذروته وذلك وفقا للعديد من آراء المحللين الذين استطلعت وكالة رويترز أراء البعض منهم.
وقد شهدت الأسواق ارتفاع الدولار الأمريكي بنحو 7% مقابل سلة من العملات إلى اعلى مستوى منذ آذار عام 2020.
وذلك بدعم من استعداد الاحتياطي الفيدرالي لرفع اسعار الفائدة لمواجهة أسوأ تضخم منذ 40 عاما تقريبا.
ويقول المحللون إن هذه المكاسب تتوافق مع سلوك الدولار خلال دورات رفع أسعار الفائدة الأربع الأخيرة.
حيث يستعد الاحتياطي الفيدرالي لمزيد من عمليات رفع أسعار الفائدة، كما حدث في دورات تشديد السياسة النقدية في الماضي.
وقد قالت ليزا شاليت، كبيرة مسؤولي الاستثمار في Morgan Stanley Wealth Management:
“من الممكن للدولار أن يرتفع، على أن يعيد النظر في مستوياته في وقت لاحق من هذا العام”.
بينما كتب المحللون في Goldman Sachs:
“إن التوقعات الحالية لتشديد بنك الاحتياطي الفيدرالي يمكن مقارنتها بمسار سعر البنك المركزي في 1994-1995، عندما رفع صانعو السياسة أسعار الفائدة بمقدار 300 نقطة أساس لأشد دورة ارتفاع في العقود”.
ويقارن اقتصاديو جولدمان ساكس ما حدث آنذاك بما يجري اليوم، بعدما تم رفع أسعار الفائدة ب 25 نقطة أساس، مع توقع ارتفاعه بمقدار 260 نقطة أساس حتى شباط من العام القادم.
وبحسب آراء المحللين السابقين، فإن الدولار كان قد ارتفع قبل الزيادة الأولى في عام 1994، ولكنه انخفض بنسبة 8.4% بحلول الوقت الذي مر فيه مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
ويعود السبب في ذلك الانخفاض آنذاك، إلى أن زيادات أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية العالمية الأخرى أدت إلى سد الفجوة بين عائدات الولايات المتحدة وتلك في العملات الأخرى.
ثلاثة أسباب تفسر استمرار ارتفاع الدولار الأمريكي على المدى القريب:
يبدو أن ارتفاع الدولار على المدى القريب سيبدو منطقيا، وذلك للأسباب التالية:
أولا. الفيدرالي الأمريكي ما زال أمام عدة عمليات رفع أسعار للفائدة:
وهو ما سيدفع الدولار للاستمرار في الارتفاع حتى فبراير القادم وفقا لتفسير التقارير السابقة.
ثانيا. الفيدرالي الأمريكي أكثر جرأة في تشديد السياسة النقدية من البنوك المركزية الأخرى:
على الرغم من حديث التقارير السابقة عن تشديد البنوك المركزية لسياستها النقدية، إلا أن الفيدرالي ما زال هو الأكثر جرأة في ذلك.
على عكس المركزي الاوروبي الذي ما زال في إطار الحديث عن التشديد في الربع الثالث من هذا العام.
حيث قال يواكيم ناجل ، رئيس بوندسبانك الألماني:
“إن البنك المركزي الأوروبي قد يرفع أسعار الفائدة في بداية الربع الثالث”.
ثالثا. الدولار القوي يساعد بنك الاحتياطي الفيدرالي:
حيث تساهم قوة الدولار على ترويض التضخم، وهو ما سيحدث أيضا على المدى القريب، وذلك لأن البنوك المركزية في الدول الأخرى ستقوم بحماية عملتها من الانخفاض.
وذلك أن قوة الدولار يمكن أن تؤدي إلى تفاقم ارتفاع الأسعار في الاقتصادات التي ضعفت عملاتها.
بالنتيجة؛
فإن وضع الدولار في الوقت الحالي، سيتجه نحو زخم جيد، حيث ارتفع مؤشر الدولار بنسبة 2.3% لشهر أبريل، في طريقه لأفضل أداء منذ يونيو 2021.
أما ستيف إنجلاندر، رئيس أبحاث العملات الأجنبية في مجموعة العشرة العالمية واستراتيجية الماكرو لأمريكا الشمالية في بنك ستاندرد تشارترد فقد قال:
“إن الدولار يمكن أن يستمر في الارتفاع في الأشهر المقبلة، ولكن من المرجح أن يتراجع خلال دورة رفع أسعار الفائدة”.
إلّا أن إنجلاندر ختم قوله قائلا:
” أن انخفاض الدولار سيكون قصة النصف الثاني من هذا العام، أو حتى سيتم تأجيله حتى عام 2023″.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية