تشتد مع الأيام وتيرة المخاوف من اقتراب العالم واصطدامه بأزمة اقتصادية قد تكون مختلفة عما سبقها من أزمات، على صعيد الحجم والوقت والتأثير الشامل، وتتزايد توقعات وتحليلات موعد هذه الأزمة، خاصة مع دخول العالم رسميا في النصف الثاني من العام 2022 الذي ازدادت الأوضاع فيه سوءا بسبب الحرب الروسية، وفي مقالنا الحالي سنشير إلى الشهر الذي يعده الكثيرون مشؤوما بالنسبة للاقتصاديات، وشاهدا من شواهد العصر الحديث على العديد من الأزمات والكوارث الاقتصادية، حيث سنشير إلى ظاهرة تأثير اكتوبر .
ما المقصود بظاهرة تأثير اكتوبر ؟
يعرف موقع Investopediaتأثير اكتوبر على أنه حالة شاذة متصورة في السوق، تميل خلالها الأسهم إلى الانخفاض.
كما يشير Investopediaأيضا إلى أن هذه الحالة تعتبر حالة نفسية أكثر من كونها حالة وظاهرة فعلية لها ما يؤيدها على أرض الواقع.
حيث أن معظم الإحصائيات الفعلية تتعارض مع نظرية انخفاض الاقتصاد خلال هذا الشهر على وجه التحديد.
إلّا أن مشاعر التوتر والخوف تسود لدى عموم المستثمرين خلال هذا الشهر، وذلك بسبب ما صاحبه هذا الشهر من أزمات اقتصادية أهمها:
الذعر العام المصرفي لدى أمريكا عام 1907 وتحديدا في ولاية نيويورك.
الكساد العظيمالذي بدأ في اكتوبر من عام 1929 ليستمر حتى عام 1933.
انهيار اسواق الوول ستريت الذي حدث في اكتوبر من عام 1987.
أزمة اسعار الفوائد التي أدت إلى انهيار آخر في وول ستريت عام 1989.
المعارضون لهذا الـتأثير؟
على الرغم من كل هذه الأحداث المأساوية التي شهدها شهر اكتوبر، إلا أن هناك من لا يؤمن بهذه النظرية.
حيث يؤكد المنتقدون على أن ما جرى من هذه الأحداث في هذا الشهر كانت حالة شاذة غير نمطية.
وقد عدنا بالفعل إلى عشرين عام مضت، وقمنا بتحديد أداء وول ستريت خلال شهر اكتوبر، ولم يظهر أن هذا الشهر كان أساسا لأي انخفاض نمطي (لاحظ الرسم أدناه)
المؤيدون لهذا المفهوم:
إلا أن المؤيدين لهذه الفكرة، فيرون أن اكتوبر هو الوقت الذي حدثت فيه بعض أعظم الانهيارات في تاريخ سوق الأسهم.
حيث يرون أن المسألة لا تتعلق بالكمية، وإنما تتعلق بأهمية الأزمات التي يحملها هذا الشهر.
ليرد المنتقدون على المؤيدين بأن شهر سبتمبر له أشهر هبوط تاريخية أكثر من اكتوبر نفسه وتحديدا أزمة عام 2008.
إلا أنه وبغض النظر عن المؤيدين أو المعارضين، فإن شهر اكتوبر ما زال يحظى باهتمام نفسي كبير.
إذ يميل المتعاملون في الأسواق إلى الشراء بالمضاربة، وذلك لاستغلال حالة هبوط المعنويات والأسعار على حد سواء.
ووفقا لبحث من LPL Financial فإن شهر اكتوبر كان تقليديا الشهر الأكثر تقلبا بالنسبة للأسهم.
حيث أنه ووفقا للبحث فإن تقلبات مؤشر S&P كانت بنسبة 1% أو أكبر في شهر اكتوبر أكثر من أي شهر آخر منذ عام 1950.
إلا أن المنتقدين يرون أن هذه الحقيقة تعزى إلى أن اكتوبر تسبق الانتخابات الأمريكية التي تجري في نوفمبر كل عامين.
وبغض النظر عن قصة تأثير اكتوبر بما فيها من تأييد أو معارضة، فإن هذا الشهر يعتبر شهرا نفسيا سيئا هذه المرة.
حيث ما زال العالم يعيش في مشاكل سياسية وتجارية وصحية، قد تؤدي إلى إحداث ازمة مالية أو اقتصادية.
كما يأتي هذا الشهر في ظل معنويات منخفضة وإحباطات عامة من قدرة الدول على معالجة الأوضاع الاقتصادية.
وهو ما يمكن أن يعيد تأثير هذا الشهر إلى واجهة الاهتمام العالمي من جديد وتحديدا لدى الأسواق المالية.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية