الفاينانشال تايمز: أعلن جيروم باول رئيس الفيدرالي الأمريكي مساء الأربعاء أنه سيتجنب تقديم تعليق رسمي حول آلية سعيه للقضاء على التضخم المرتفع، وهو الأمر الذي جاء مخالفا لما جرت عليه العادة خلال المؤتمر الصفحي للفيدرالي الأمريكي الذي انعقد ثلاثة مرات سابقة قبل هذا المحضر، وتحديدا حينما تم رفع الفائدة بنصف نقطةأساس ، ثم 75 نقطة أساس وهي أسرع وتيرة منذ عام 1981.
حيث لوحظ أن باول كان حذرا حول مسألة تقديمه لتفاصيل عميقة، سواء حول توقعات الفائدة القادمة، أو حتى معدل التضخم المتوقع على المدى القريب.
ويتزامن هذا التجنب مع محاولة صناع السياسة النقدية القيام بإدارة توقعات المستثمرين وتجنب التسبب في حدوث نوبات تقلب شديدة في الأسواق.
ويعود هذا التجنب بعد ثلاثة تصريحات تفصيلية، كان قد قدمها رئيس الفيدرالي، وتحديدا منذ آذار، حول حربه ضد التضخم.
حيث أن باول، وبعدما قام برفع الفائدة بمقدار نصف نقطة في شهر مايو، قام بتصريح واضح ومباشر، بأن هناك المزيد من الارتفاعات المماثلة لمحاربة التضخم.
كما ذهب آنذاك إلى الحديث عن معدل 75 نقطة اساس، حينما أشار إلى هذا الرقم بعبارات صريحة.
إلا أنه لم يوفِ بما وعد إزاء تخفيض التضخم، بعد قيامه بعملية رفع الفائدة الشهر الماضي، والادلاء بالتصريحات التفصيلية.
حيث ارتفع معدل التضخم إلى أعلى مستوى له منذ 40 عاما، ليبلغ التضخم 9.1% عن شهر يونيو.
إلا أن الفيدرالي توجه توجها مشابها لما أخذه المركزي الاوروبي حينما قال:
“إنه لن يقدم اي توجيهات مستقبلية محددة نحو الزيادات القادمة في الفوائد”.
وقد رحب بعض الاقتصاديين بمثل هذا التوجه، حيث قالوا:
“إن الفيدرالي يحتاج أن يكون ذكيا وجريئا في مواجهة حالة عدم اليقين حول التضخم وتباطؤ الاقتصاد”
وقد تحدثت تيفاني وايلدنج ، الخبيرة الاقتصادية الأمريكية في بيمكو عن اجتماع الأمس وتحديدا فكرة عدم الادلاء بأمور تفصيلية، وقالت:
“كان هذا الاجتماع خطوة جيدة في الاتجاه نحو عدم تقديم توجيهات مستقبلية”.
وعقب باول على الرسوم البيانية التي يتوقع من خلالها حجم الفوائد القادمة، والتي اشارت الشهر الماضي إلى 3.5% هذا العام، و4% العام القادم.
حيث قال عن هذه الرسوم:
“إنه من الصواب التوقف عن تقديم مثل هذه التوجيهات التفصيلية لأن الأسعار تتماشى الآن مع ما يسمى بالمستوى المحايد طويل المدى”.
ويقصد باول بهذا المستوى، أن يتم رفع الفائدة بالقدر الذي يخفّض من معدلات التضخم ولا يُدخل الاقتصاد في نفق الركود.
المؤتمر الصحفي للفيدرالي الأمريكي : الرئيس حاول التكتم ولكنه فشل في تفصيل خطير!
على الرغم من تعتيم باول النسبي، إلا أنه اشار مرارا وتكرارا في تصريحه الصحفي إلى أنه سيقوم بالمراقبة الحثيثة لاتخاذ القرار القادم.
وقد تم تسليط الاضواء على جزئية مهمة في التصريح الصحفي الذي ينطلق عادة بعد نصف ساعة من قرار الفائدة الساعة 9:30.
وقد انقسمت الآراء حول هذه الجزئية من التصريح، إلى قسمين اثنين.
حيث رأى بعض القسم الأول أن باول فشل في أن يكون متكتما بشكل كافٍ، وذلك حينما قدم بعض التلميحات حول ما ينتظر الاجتماع القادم في سبتمبر.
حيث استغل المستثمرون حديثه حينما قال:
“إنه من المحتمل أن يصبح من المناسب إبطاء وتيرة الزيادات”
وهو ما كان كفيلا بإعطاء اشارات جيدة للاسواق المالية وادى إلى ارتفاع الاسهم والسندات.
حيث قال مايكل جابين ، كبير الاقتصاديين الأمريكيين في بنك أوف أمريكا:
“إن زيادة سعر الفائدة بمقدار 0.75% في سبتمبر سيكون أمرا صعبا، ولكن الزيادة بمقدار نصف نقطة وربع نقطة أكثر احتمالية”.
فيما رأى القسم الثاني أن هذه العبارة تحمل ايضا احتمالية ترك الباب مفتوحا أمام ارتفاعات أخرى على سعر الفائدة في شهر 9 القادم اعتمادا على بيانات التضخم القادمة.
وتعتمد الفئة الأخيرة التي ما زالت ترى ارتفاعات قادمة على اسعار الفوائد، على بعض مؤشرات تراجع النشاط التجاري والاستثماري والعقاري.
كما اعتمدوا على تصريح باول نفسه، حينما قال:
“نرحب بالبيئة الأكثر برودة (أقل نشاطا) لمحاربة ارتفاع التضخم، ودفع الاقتصاد بأكمله نحول العمل والاستقرار”.
إلا انه وما بين الفئة الأولى والأخرى، فإن الجميع لا يتفق على تحول بنك الاحتياطي نحو التحفظ وايقاف التشديد في المرحلة الحالية.
حيث قال تورستين سلوك كبير الاقتصاديين Apollo Global Management :
“إن قيام الفيدرالي بالتحفظ في سياسته في المرحلة الحالية سيقود إلى مزيد من تقلبات السوق”.
وأضاف قائلا:
“يجب أن يكون هناك تصور واضح لحركات الفيدرالي، لأن غياب الصورة سيزد من تشويش السوق بسهولة”.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية