تقلبت أسعار الدولار الأمريكي خلال جلسات التداول الأخيرة، ولكنها بقيت عند أعلى مستوياتها، بينما عادت الأسواق المالية الأمريكية إلى الارتفاع لتحقق أولى أرباح اسبوعية منذ شهر آب الماضي، وفيما يلي سنشير إلى أحدث توقعات اداء الأسواق الأمريكية التي يبدو أنها ستتأثر بشكل سلبي كبير، وفقا للتحليلات التي سترد في هذه المقالة، فيا يبدو أيضا أن الزيادة القادمة على الدولار قد لا تتأثر بقراءة التضخم التي ستصدر الأسبوع الجاري.
توقعات اداء الأسواق الأمريكية في ظل زيادة التشديد النقدي:
مع تسريع مجلس الاحتياطي الاتحادي لفك ميزانيته العمومية هذا الشهر، يشعر بعض المستثمرين بالقلق من أن ما يسمى بالتشديد الكمي قد يؤثر على الاقتصاد ويجعل هذا العام أكثر وحشية بالنسبة للأسهم والسندات.
فبعد مضاعفة ميزانيته العمومية تقريبًا إلى 9 تريليونات دولار بعد الوباء، بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في تفريغ بعض سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري التي يحتفظ بها في يونيو بوتيرة 47.5 مليار دولار.
ليعلن الفيدرالي أنه سيزيد هذا الشهر من وتيرة التشديد الكمي إلى 95 مليار دولار.
ويعد هذا التخفيض حجما لم يسبق له مثيل، وبشكل لا يمكن تحديد آثار إنهاء البنك المركزي لدوره كمشتري ثابت غير حساس لأسعار الفوائد.
وقد قال فيل أورلاندو ، كبير المحللين الاستراتيجيين لسوق الأسهم في Federated Herme:
“يقوم بعض المستثمرين بتقليص حيازاتهم من الأسهم مع تسارع التشديد الكمي، مع توخي الحذر من أن العملية يمكن أن تتحد مع عوامل مثل ارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع الدولار لزيادة الضغط على أسعار الأصول وإلحاق الضرر بنمو اسواق الأسهم”.
ويلاحظ أن تشديد السياسة النقدية قد اثرت على الاسهم والسندات لهذات العام، وذلك بعدما:
-
انخفض مؤشر S&P 500 بنسبة 14.6%.
-
ارتفاع العائد على سندات الخزانة الأمريكية القياسية لمدة 10 سنوات بمقدار 182 نقطة أساس ليصل إلى 3.30%.
وعلى الرغم من أن البيانات الأخيرة أظهرت أن الاقتصاد الأمريكي قادر على استيعاب رفع اسعار الفوائد، إلا أن الاقتصاديين يؤكدون على أن تشديد السياسة النقدية يزيد من فرص حدوث ركود العام المقبل.
حيث توقع بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك في مايو أن يقوم البنك المركزي بتخفيض 2.5 تريليون دولار من ممتلكاته بحلول عام 2025.
وتختلف تقديرات ذلك على أداء الاقتصاد الأمريكي، حيث قال أورلاندو:
“إن كل تريليون واحد في تخفيض الميزانية العمومية سيعادل تأثير 25 نقطة أساس إضافية في الزيادات الضمنية في اسعار الفائدة على الدولار”.
بينما قال رئيس استراتيجية الأسعار الأمريكية في BMO Capital Markets :
“إن تخفيض تريليون واحد يمكن أن يضيف ما يصل إلى 75 نقطة أساس حتى نهاية عام 2023 وحده على اسعار الفوائد على الدولار”.
من ناحية أخرى، قال سولومون تاديسي ، رئيس استراتيجيات الكمية في أمريكا الشمالية في بنك سوسيتيه جنرال:
“إن الاحتياطي الفيدرالي سيخفض في النهاية 3.9 تريليون دولار من ميزانيته العمومية، أي ما يعادل 450 نقطة أساس في الزيادات الضمنية في أسعار الفائدة”.
وبذلك فإن المحللون يؤكدون على أن تخفيض الميزانية سيكون له أثر يماثل في ذلك تأثير رفع الفوائد على الدولار.
وقد رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي بالفعل أسعار الفائدة بمقدار 225 نقطة أساس، ومن المتوقع زيادة أخرى بمقدار 75 نقطة أساس في وقت لاحق من هذا الشهر”.
وقد كتب تاديسي ، الذي يعتقد أن مؤشر ستاندرد آند بورز يمكن أن ينخفض إلى نطاق 2900-3200:
“قد يكون الارتفاع في التشديد النقدي له أثر كبير على تخفيض الاسواق القادم بشكل كبير”.
وسيراقب المستثمرون الأسبوع المقبل بيانات أسعار المستهلكين لشهر أغسطس بحثًا عن إشارات إلى أن التضخم قد بلغ ذروته.
وقد قال جيك شورمير ، مدير المحفظة في Harbour Capital Advisors :
“إن انخفاض السيولة الفعلية بسبب تشديد السياسة النقدية سيزيد من تقلبات اسواق الأسهم بشكل كبير”.
بينما قال تيموثي برود، الرئيس العالم في جولدمان ساكس لإدارة الثروات:
“لقد قمت بتخفيض مخصصاتي من الأسهم تحسبا لمزيد من التقلبات بسبب التضييق الكمي لبنك الاحتياطي الفيدرالي”.
إلا أنه أشار إلى أنه من الصعب للغاية تحديد الأسواق التي ستكون الأكثر تضررا.
وقد قال ديفيد بيانكو، كبير مسؤولي الاستثمار في الأمريكتين في مجموعة DWS:
“ستكون الأمور الآتية هي القوى المحركة للأسواق وهي:
-
أزمة الطاقة في أوروبا.
-
وتيرة ومدة ارتفاع أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي.
-
الركود الأمريكي المحتمل”
كما قال:
“نحن لا نستبعد مخاطر التشديد النقدي لكنها تتضاءل مقارنة بالمخاطر المتعلقة برفع الفائدة على الدولار”.
وقد أنهى مسؤولو مجلس الاحتياطي الاتحادي يوم الجمعة فترة تعليقاتهم العامة قبل اجتماعهم في 20 إلى 21 من الشهر الجاري.
حيث كانت تعليقاتهم تدعو إلى زيادة أخرى كبيرة في اسعار الفائدة لمحاربة التضخم المرتفع.
حيث قال كريستوفر والر محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي لمعهد الدراسات المتقدمة في النمسا:
“بناءً على ما أعرفه اليوم، فإنني أؤيد زيادة كبيرة في اجتماعنا القادم لتقييد الطلب بشكل واضح”.
في حين أنه لم يدعو صراحة إلى زيادة أخرى بمقدار ثلاثة أرباع نقطة مئوية أخرى في اجتماع هذا الشهر ، إلا أن تعليقاته اتجهت في هذا الاتجاه.
كما قال والر:
“لم أكن مقتنعا بأن التضخم ما زال “يتحرك بشكل هادف ومستمر نحو الانخفاض” ، بينما تتراجع المخاوف بشأن الركود الاقتصادي”.
بينما لم يعلق على مسألة توقيت تخفيض اسعار الفوائد، حتى وإن بدأت الأسعار بالاعتدال.
وعلى الرغم من انتظار الاسواق العالمية بيانات التضخم يوم الثلاثاء المقبل، إلا أن المسؤولين قللوا من أهمية قراءة هذاا البيان منفردا.
حيث أكدوا عزمهم على الاستمرار في رفع أسعار الفائدة حتى يكون هناك انخفاض مستمر في التضخم ، الذي وصل إلى أعلى مستوياته في 40 عامًا.
المقالات التي تم الاستناد إليها في إعداد المقالة الحالية التي حملت عنوان توقعات اداء الأسواق الأمريكية :
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية