رويترز: يبدو أن أسواق المال الأمريكية والاوروبية بدأت تشعر بقليل من الارتياح، وإن كان ارتياحا غير واقعي، بشأن الحالة الاقتصادية، ولكن المسألة باتت تتعدى الأزمة المصرفية بشكلها الصغير، لتطال الاستقرار المالي والنقدي بشكل قد يصنع أزمة مالية عالمية بصورة لا يدرك أحد معالمها.
فعلى الرغم من أن عدم سقوط أو انهيار بنك حتى الآن يبدو أنه يمثل أخبارا جيدة، إلا أن ذلك لا يعد أمرا جيدا بشكل قاطع ومستمر.
كما أن الارتياح لعملية بيع بنك SVB الذي تم نهاية تعاملات هذا اليوم، يمثل نفس الأمر غير المريح بشكل قطعي.
وأيضا فإن تحركات الفيدرالي في توسيع برنامج الاقراض الجديد للبنوك بهدف طمأنة المودعين، ليس أمرا مريحا بشكل حاسم.
حيث تحدثت وكالة رويترز اليوم عن تدفق الاموال الذي بات واضحا خروجه من البنوك الصغيرة للكبيرة وصناديق أسواق المال.
حيث شهدت البنوك الصغيرة تدفقات داخلة للبنوك الكبرى تزيد عن 300 مليار دولار في الشهر الماضي لتصل إلى مستوى قياسي بلغ 5.1 تريليون دولار.
وهنا فإن بنك أوف أميركا لاحظ أمرا مهما وهو:
“في مثل هذه الأحداث أعوام 2008 و 2020، كانت تعقبهما تخفيضات في اسعار الفائدة الفيدرالية”.
حيث إنه وحتى الآن تظهر توقعات العقود الآجلة فرصة بنسبة 88% إلى أن الفيدرالي سيقف عن رفع الفوائد في شهر مايو القادم.
كما لاحظ البنك ايضا انخفاض الودائع في البنوك الصغيرة بمقدار 120 مليار دولار في الأسبوع المنتهي في 15 مارس.
بينما قفز الاقتراض 253 مليار دولار ويفترض أن معظم ذلك كان من الاحتياطي الفيدرالي.
بينما تقول كابيتال إيكونوميكس:
“إن الودائع في جميع البنوك تراجعت بمقدار 663 مليار دولار في العام الماضي حيث يبحث العملاء عن عائد أعلى”.
كما ويحذر محللو كابيتال ويقولون:
“ما لم تكن البنوك على استعداد لرفع معدلات الودائع الخاصة بهم لمنع هذا الهروب ، فسيتعين عليهم في النهاية كبح جماح حجم محافظ قروضهم ، مع الضغط الناتج على النشاط الاقتصادي ، وهو سبب آخر لتوقع حدوث ركود قريبًا”. .
كما تواجه البنوك الأوروبية ضغوطًا مماثلة، مع ضغوط المضاربة الإضافية على دويتشه بنك.
حيث قفزت تكاليف مقايضات التخلف عن سداد البنك للائتمان المتعلق به وهو رقم ليس بسيط لأكبر مقرض في ألمانيا.
وذلك بعدما بلغت مقايضات التخلف عن السداد لخمس سنوات من دويتشه بنك 222 نقطة أساس يوم الجمعة، وهو أعلى مستوى منذ أواخر عام 2018.
بينما قفزت مقايضة مقايضة العجز عن سداد بنك UBS إلى 139 نقطة أساس.
وإذا تحدثنا عن عمليات الانقاذ الممكنة من قبل الحكومات، فإن ذلك لن يكون كافيا للإنقاذ، ولنا في كريدي سويس مثال.
حيث اضطر بنك كريدي سويس إلى الاستفادة من البنك الوطني السويسري للحصول على “مبلغ ضخم بمليارات الدولارات” لتأمين السيولة لديه، ولكن دون جدوى.
كما لم يقتصر الأمر على قيام العملاء بسحب الأموال ولكن الأطراف المقابلة كانت تطالب بضمانات لمواصلة ممارسة الأعمال ، وهي بالكاد علامة مشجعة عندما يعتمد الإقراض بين البنوك كثيرًا على الثقة.
وفي الخلاصة وبعد استعراض هذه الأمور المهمة، فإن المسألة يبدو أنها تتجه نحو أمور أحلاه مرٌ للجميع؛
فإما أن يتوقف الفيدرالي عن رفع الفوائد، وأن يتسبب ذلك في انعاش شبح التضخم.
أو أن يواصل الفيدرالي حربه ضد التضخم ليتسبب في حدوث ركود يتوقعه منذ البداية.
ولكن وحتى مع توقع الركود، فإن هذا التوقع لم يكن يدرك أنه سوف يحدث في ظل أزمة مصرفية تشتد.
وما بين الحل الأول أو الثاني، يكمن خيار ثالث، وهو الذي يتعلق بثقة المستثمرين بالنظام المصرفي والمالي.
وهو الذي، إن حدث، فإنه سيولد شرارة قدح أزمة مالية عالمية لا يدرك أحد معالمها وحدودها.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية