منذ اكتوبر من العام 2023، والأسواق تلاحظ ارتفاعات متواصلة في أسعار الذهب في الارتفاع، فارتفعت من مستويات 1800 دولار في ذلك الوقت، لتصل إلى ما هي عليه الآن من مستويات.
وفيما يلي سأناقش معكم الأسباب الجلية والمنطقية التي تدفع نحو توقع استمرار ارتفاع أسعار الذهب أو المحافظة على بريقه لهذا العام.
السبب الأول. الداعم الأول للذهب (المشاكل السياسية):
لم يعد خافيا على أحد حجم المشاكل السياسية شمالا وشرقا، سواء في روسيا أو الشرق الأوسط، أو حتى مع ارتفاع حدة الخطاب بين الصين وأميركا وتحديدا في المجالات التكنولوجية بحجة حماية الأمن القومي من التغول الصيني.
وبناء على هذا العامل فقط، فإن أمام الذهب فرصا جيدة للتألق، سواء عند المستويات المرتفعة الحالية، أو حتى للارتفاع بشكل أكبر في حال لم يتم حل المشاكل القائمة أو السيطرة عليها.
بينما وفي ظل ارتفاع التوترات الأميركية مع الجانبين الروسي (نوويا) والصيني (تكنولوجيا)، فإن مستقبل الذهب قد يؤسس لقمم سعرية غير مسبوقة.
السبب الثاني. عودة صاحب المشاكل:
هذا العامل يتمثل في العودة المحتملة لدونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية القادمة في الخامس من نوفمبر العام الجاري.
ورغم أن هذا العامل قد يكون طويل المدى، إلا أنني رغبت في وضعه لاعتبارات تاريخية ترتبط بسلوك الذهب وسلوك ترامب.
حيث إنه وخلال عهد ترامب ارتفعت المشاكل التجارية والاقتصادية بين أميركا وفرقائها، وهو ما انعكس في أداء الذهب.
فارتفع من 1200 دولار عام 2016 إلى نحو 1600 دولار أميركي عام 2019، وهو العام الذي سبق الجائحة.
إذ أن المشاكل الاقتصادية والركود الذي جرى بسبب الجائحة دفع الذهب للارتفاع بشكل أكبر، وهو ما لا يمكن وضعه كعامل مستقبلي داعم للذهب.
السبب الثالث. العوامل الإنتاجية (جانب العرض)
فيما يتعلق بإنتاج الذهب، فإنه يلاحظ أن المناجم العالمية تمر بمرحلة من مراحل إعادة ترميم الذات، وهو ما يمكن أن يضعف من جانب
الإنتاج، وبالتالي انخفاض المعروض من الذهب.
السبب الرابع. ارتفاع المشتريات (جانب الطلب).
وفقا لمعهد الذهب العالمي، فإن مشتريات الذهب عالميا ضربت حاجز 7000 طن في عام 2023، وهو ثاني أعلى رقم قياسي في تاريخ الذهب.
ومع ارتفاع المشتريات وانخفاض المعروض (أي بجمع السبب الثالث والرابع) فإننا سنكون أمام عوامل داعمة لارتفاع الذهب.
العامل المريب الداعم لارتفاع أسعار الذهب !
أما الآن فالأمر الأكثر أهمية، والذي يحتاج لتركيز كبير.
فلقد باتت الأسواق متيقنة بأن الفوائد المرتفعة ستبقى لوقت أطول مما تظن، وستحدث بعدد مرات أقل من المتوقع أيضا.
فأشارت بلومبيرغ اليوم إلى أنه الأسواق باتت ترى تخفيض الفائدة بثلاثة أرباع نقاط مئوية لهذا العام.
وفي حال الفوائد المرتفعة، فإن أعباء الأميركيين ستكون مرتفعة، وهو ما لوحظ في ارتفاع التأخير أو التعثر في سداد أقساط القروض.
كما أنه وبالرجوع لأحد المؤشرات المهمة التي صدرت، وتحديدا مؤشرات مبيعات التجزئة، فإننا سنلاحظ أمرا مريبا.
فتراجع المؤشر يشير بشكل غير مباشر لانخفاض القدرة الشرائية (حتى وإن سلمنا بأن المؤشر بحاجة لقراءة ثانية، للتأكد من أن هذا الانخفاض لم يعبر عن خط استراحة للمستهلكين الأميركيين لموائمة أوضاعهم مع ارتفاع التضخم).
وبالتالي فإن الاقتصاد الأميركي وفي حال لم يعطِ مؤشرات اقتصادية جيدة تدعم نموه، فإن الاقتصاد يتجه نحو ركود.
حيث إن الحديث هنا عن الركود سيكون الداعم الكبير لارتفاعات الذهب.
في الخلاصة،
فإن توقعات ارتفاع الذهب، جاءت بين مستويات 2300 دولار لبعض محللي البنوك.
بينما أشار نجيب سويسريس الملياردير وأحد كبار المستثمرين بتعدين الذهب، إلى مستويات تتراوح بين 2500 إلى 3000 دولار.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية