على الرغم من امتلاكها لمئة وخمسين ألف فرع حول البلاد، وودائع بقيمة 2 تريليون دولار، ومليار عميل تقوم بخدمتها، إلا ان البنوك الهندية تعتبر من أفشل البنوك العالمية وأكثر فوضى.
ما قصة البنوك الهندية وما هي أسباب مشاكلها المالية الكارثية؟
تعاني مجموعة من البنوك الهندية الآن من عشرات المليارات من الدولارات الأمريكية من القروض المعدومة، وذلك بعد سنوات من الإقراض غير الحكيم لمشروعات فاشلة.
حيث تعاني البنوك المملوكة للدولة من أكثر من 60٪ من الديون المتعثرة، وهو ما دفع الحكومة لإنقاذ خمسة منها من الانهيار منذ عام 2018.
كما لم يتم استرداد سوى ثُلث إجمالي القروض المتعثرة؛ حيث لم تتحسن إلا قليلا لتصل إلى 40-45% بعد قانون الإفلاس الذي أقرته الحكومة عام 2016 والذي يسمح بتصفية الأصول.
بينما تتجه المقترضون الآن إلى زيادة تخلفهم عن السداد في الشهور القادمة، وذلك بعدما قد تضررت مصالحهم كثيرا بالوباء.
وعلى الرغم من محاولات الحكومة لإنقاذ البنوك المتعثرة، إلا أن القطاع المصرفي ما زال يعاني كثيرا.
حيث لم تفلح حركة الحكومة بضخ أكثر من 35 مليار دولار من أموال دافعي الضرائب لإنعاش البنوك المتعثرة بين عامي 2005-2009.
إلا أن وكالة فيتش للتصنيف الائتماني أشارت إلى حاجة البنوك المتعثرة إلى ما بين 15-58 مليار دولار في ضخ أموال جديدة بحلول عام 2022.
أما الآن فإن الحكومة تتجه نحو تعويم البنوك المتعثرة، وتنظيف ميزانياتها العمومية، بقيمة ستصل إلى 27 مليار دولار من القروض المعدومة.
ولكن هذا المبلغ سيمثل رُبع القروض المعدومة في الهند، والمقُدرة بمئة مليار دولار في دفاتر البنوك التجارية.
كيف حدثت هذه الأزمة لدى البنوك الهندية ليعتبرها المحللون أفشل البنوك العالمية؟!
عادة ما يقوم البنك الرديء – الذي يوصف أيضًا بشركة إعادة بناء الأصول – بشراء القروض المعدومة من البنوك المتضررة بسعر متفق عليه.
ثم يقوم هذا البنك الرديء بتسييل أو بيع الأصول التي قدمها المقترضون كأوراق مالية مقابل القروض.
حيث يكون هدف هذه البنوك استخدام عائدات المبيعات في استرداد بعض الأموال التي أقرضتها للشركات.
ولا تعتبر هذه الأزمة وليدة العهد؛ حيث واجهت الهند أزمة قروض متعثرة ووجود بنوك متعثرة خلال العقدين الماضيين.
إلا أن المختلف في الأمر أن الأزمات الماضية كانت تتعلق ب28 بنكا مملوك للقطاع الخاص.
بينما تتمثل المشكلة الآن -كما أشرنا في البداية- في أن أكثر من نصف البنوك المتعثرة تعود للحكومة.
وهو ما دفع الحكومة إلى التحرك وانشاء شركات وبنوك لإنقاذ البنوك المتعثرة، وإقناع البنوك ببيع قروضها بخسارة والعمل على تصفية بعض الأصول لمقابلة التزاماتها.
وستأتي الخطوة الثانية في حال اقتناع البنوك ببيع قروضها أو أصولها المتعثرة.
حيث ستقوم الحكومة بانشاء شركات تابعة للقطاع الخاص بشكل جزئي، والتي ستقدم عطاءات لشراء أصول البنوك المتعثرة، لتقدم الأموال لها بخسارة مؤكدة، لتقوم باستخدام هذه الأموال في معالجة أوضاعها المالية.
ما الذي يهم العالم في هذه الأزمة المصرفية؟
إذا تحدثنا عن البنوك المتعثرة أو القروض المعدومة في الهند، فنحن نشير إلى 80% من القروض المقدمة للصناعات التالية:
-
صناعات الحديد والصلب والتعدين.
-
الطيران.
-
الطرق والبنية التحتية وتطوير العقارات.
-
الطاقة والاتصالات.
-
المنسوجات.
-
البنية التحتية والسفن.
-
توزيع الكهرباء.
إلى غير ذلك من الصناعات الجانبية، والتي يعتمد الاقتصاد الهندي عليها بشكل كبير لخدمة الاحتياجات المحلية، والاحتياجات الدولية.
كما ستتضاؤل الشهية نحو الاستثمار الخارجي في الهند، من قبل شركات التكنولوجيا العالمية، والتي تتخذ من الهند مقرا رئيسيا لها.
وهذا ما سيؤثر بشكل مباشر على نمو اقتصاد الهند -الذي يتوقع له أن يحتل المركز الثالث عالميا– وبالتالي إلحاق الضرر بمختلف الصناعات لدى الاقتصاديات الأخرى
إذن، ما الحل الأجدى لمعالجة هذه المعضلة؟
يتعين على البنوك المتعثرة المملوكة للدولة (وفقا لوكالة BBC) أن تصبح بنوكا مستقلة حقًا.
كما يتوجب عليها أن تنظف أعمالها وأن تصبح مقرضًا أكثر كفاءة بعد حساب مخاطر السوق، وتقييم مدى تقبلها للمخاطر.
بينما يشير الخبراء إلى أن تحسين سمعة القروض وزيادة مبيعاتها، سيحتاج إلى أن تكون أكثر شفافية وامتثالا للمعايير العالمية.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية