تشهد الأسواق الفلسطينية ارتفاع سعر صرف الدولار ، وهو الأداء الصاعد نسبيا منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية التي بدأت قبل اسبوعين تقريبا، وتناقش المقالة التالية السيناريو الأقرب للتعبير عن اداء الدولار أمام الشيكل، والذي يفسر عدم ارتفاع الدولار بشكل كبير وسريع كما يعتقد البعض، وذلك بسبب عامل التضخم الذي بدأت تشعر به دولة الكيان الاسرائيلي من جانب، وحاجتها لشيكل قوي نوعا ما ليكون وسيلة حمايتها الرئيسية ضد التضخم العالمي من جانب آخر.
تفاصيل المقالة:
أولا. الفائدة على الدولار! حل ولكنه ليس السحر:
يقترب الدولار من اختبار مستويات سعرية جديدة الأسبوع القادم تحديدا في أول عملية رفع للفائدة، والتي سيتم اتخاذها بعد السادس عشر من الشهر الجاري، عقب اجتماع الفيدرالي الأمريكي.
وما بين ربع نقطة مئوية مرجحة، وما بين نصف نقطة مئوية يأمل بها المستثمرون والمراقبون، وتحديدا لدى الجانب الأمريكي، يقف سعر صرف الدولار أمام الشيكل عند مفترق طرق مهم.
فعلى صعيد الدولار الأمريكي، وفي حالة ثبات العوامل ذات الصلة، ومع افتراض عودة الهدوء إلى الساحة، فإنه سيكون ذا أداء مستقر وصاعد.
حيث يدفع الوضع الاقتصادي الأمريكي الراهن إلى ضرورة القيام بسياسات نقدية منضبطة لمعالجة ما يعيشه من أرقام تضخم مخيفة.
والمقصود بالمنضبطة، هو أن تعود الفوائد إلى مستويات تشبه ما كانت عليه قبل الأزمة عند حدود 2.5%، ولكن أن لا تزيد عن ذلك المستوى.
وذلك حتى لا يعود سيناريو الفوائد المرتفعة الذي حدث في ثمانينات القرن الماضي، وتكرر في بداية الألفية الحالية حينما استمر في الصعود حتى تجاوز 6%، وهما الأمران اللذان أديا إلى أزمات مالية مختلفة.
إذن فرفع اسعار الفوائد على الدولار يأتي لتخفيف حدة التضخم وارتفاع الأسعار، وليس في ظل ظروف اقتصادية منتعشة، كما حدث بعد عام 2002.
ثانيا. الشيكل محور القضية، فماذا عنه؟
يعتبر الشيكل محور الأداء السعري القادم للدولار، وإدراك الأمور الآتية سيشكل نقطة نظام مهمة لفهم ما سيجري في الأوقات القادمة.
حيث قال المركزي الإسرائيلي إنه سيبقي تدخلاته في سوق العملات الأجنبية، ولكن عند حدود ضئيلة.
بينما أشار إلى توقفه عن شراء العملات الأجنبية منذ الشهر الماضي، بعد ملاحظة ضعف الشيكل مقارنة بما كان عليه سابقا.
أما عن الاحتياطي من النقد الأجنبي عن شهر فبراير الماضي، فقد بلغ 207.065 مليار دولار، منخفضا بمقدار 1.692 مليار عن مستواه في نهاية الشهر الذي سبقه، وفقا لما جاء على صفحات جلوبس.
حيث فسر المركزي الاسرائيلي انخفاض الاحتياطي بالأمور الآتية:
-
جاء نتيجة إعادة التقييم التي أدت إلى خفض الاحتياطيات بنحو 1.108 مليار دولار .
-
التحويلات الحكومية إلى الخارج بإجمالي 838 مليون دولار.
-
تحويلات من القطاع الخاص للخارج أيضا قدرها 254 مليون دولار.
ماذا يعني كل هذا؟
هذا يعني أن المركزي الاسرائيلي يقترب من انهاء مشترياته من العملات الأجنبية، التي وصلت العام الماضي إلى 35 مليار دولار.
وهو الأسلوب أو السلوك الذي انتهجه المركزي لإيقاف قوة الشيكل التي وصلت عند 3.07 شيكل للدولار.
وهي المستويات السعرية التي لم يصلها منذ تسعينيات القرن الماضي، وتحديدا عام 1996.
كما أن توقف المركزي الاسرائيلي عن هذه الخطوة، يأتي عقلانيا في ظل التدخل النقدي الأمريكي الأول فيما يتعلق برفع الفوائد على الدولار.
أي أن المركزي الاسرائيلي سيستغل خطوة الفيدرالي على الدولار، ليتوقف عن إرهاق ميزانيته بشراء العملات.
وهذا ما مكنه من تقليص مشترياته إلى 356 مليون دولار في شهر 1، مقارنة بمشتريات 739 مليون في ديسمبر 2021.
ولكن ذلك لا يعني أن عملية رفع الفوائد بمقدار ربع نقطة أو نصف نقطة، ستدفع الدولار للارتفاع بشكل صاروخي أمام الشيكل.
ذلك أن هذه الفوائد هذه المرة تأتي لمعالجة التضخم الأمريكي المتجه إلى الصعود بسبب ارتفاع اسعار مختلف السلع.
وهذا ينقلنا إلى الحديث عن التضخم لدى اسرائيل، والتي بدأت تشعر به، بعد مباهاتها بأنها لم تتأثر به كما هو حال معظم الدول.
حيث إن شعور اسرائيل بالتضخم، والذي سيرتفع الآن بشكل أكبر، سيدفعها إلى المحافظة على شيكل قوي نوعا ما.
حيث أثبت الشيكل القوي بأنه كان السر والسبب الرئيسي في حماية الاسرائيليين من ارتفاع الأسعار.
وذلك أن الواردات لاسرائيل من الخارج كانت بالدولار الذي كان رخيصا أمام الشيكل، وهو ما حد من ارتفاع اسعار هذه الواردات.
في النتيجة،
فإن سعر صرف الدولار سيرتفع ولكن! عند حدود مدروسة، نظرا للمعطيات التالية
-
ما زال شبح التضخم مخيما على مختلف الدول.
-
العائد على الدولار ما زال عند حدود بسيطة، ولن يكون بنفس الأثر الذي كان يمثل في الأوقات الاعتيادية.
-
التوترات السياسية ما زالت تخيم على أداء الأسواق.
-
استمرار التخبطات التي يتسبب بها المستثمرون والمضاربون على حد سواء.