كتبت ليزا أليدرمان وهي المختصة في تغطية الأعمال التجارية والقضايا الاقتصادية في أوروبا لدى صحيفة نيويورك تايمز ، عن أحدث الدول الأوروبية التي بدأت روسيا بهز عرشها، حيث تناولت أوضاع اقتصاد فرنسا التي تقترب وفقا للتصريحات إلى نقطة حرجة جدا.
حيث قالت:
“إن المدن في جميع أنحاء فرنسا تعمل على إطفاء مصابيح الشوارع وغيرها من الإضاءة الخارجية للحد من استخدام الكهرباء”.
كما أكدت أليدرمان على أن المدارس في بعض المدن الفرنسية، مثل نورماندي، بدأت في تدفئة الفصول الدراسية عن طريق حرق الأخشاب للحفاظ على الغاز الطبيعي.
وتشرع فرنسا الآن في أكبر جهد للحفاظ على الطاقة منذ أزمة النفط في سبعينيات القرن المنصرم، وذلك بعد تفاقم أزمة امدادات الطاقة الروسية منذ بداية الأسبوع الجاري.
حيث دعت حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون الفرنسيين إلى الاستعداد لعصر جديد من “رصانة” الطاقة لمواجهة خطر فصل الشتاء القاسي.
ويأتي هذا التحذير رغم أن الحكومة الفرنسية قامت بطمأنة الأسر والشركات بشأن قدرة الحكومة على حمايتهم.
وقد قال ماكرون في خطاب متلفز إلى الأمة أواخر الشهر الماضي:
“لقد واجهنا سلسلة من الأزمات، واحدة أخطر من الأخرى، إلا أن ما نعيشه الآن هو نقطة تحول خطيرة”.
وقد تم الحديث من قبل المسؤولين الفرنسيين عن الحفاظ على الطاقة من خلال العديد من الاقتراحات كان أهمها:
-
تبني الحفاظ على الطاقة من خلال زيادة تجميع السيارات.
-
خفض منظمات الحرارة.
-
إغلاق اللافتات الإعلانية المضيئة ليلاً .
وقد تحدثت “اجنيس بانيير روناتشر” الوزيرة الانتقالية للطاقة في فرنسا بنبرة تحذيرية ومترددة حينما قالت:
“إن الحكومة ستحاول تجنب الاجراءات التقييدية بشأن استخدام الطاقة في ذروة موسما لبرد الشتوي”.
وقد أنفقت الحكومة أكثر من 26 مليار يورو منذ حرب روسيا في أوكرانيا، لإبقاء فواتير الغاز والكهرباء في متناول الجميع.
بينما أعلنت الأسبوع الماضي أن سقفها على فواتير الطاقة المنزلية سيتم تمديده حتى نهاية العام.
وقد تمكن اقتصاد فرنسا من المحافظة على أدنى معدلات التضخم بين الدول الأوروبية عند 6.5% بسبب تحركات الحكومة في السيطرة على تكاليف الطاقة، بما فيها ذلك إعادة تأميم مزود الطاقة EDF.
إلا أن تكاليف الغذاء والوقود لا تزال أمرا مرهقا للعائلات الفرنسية.
بينما قامت الحكومة الفرنسية بطلب خفض استخدام الطاقة بنسبة 10% من قبل الشركات كتقنين اجباري للكهرباء والغاز.
وقد وصلت منشآت التخزين الغاز في فرنسا غلى نسبة 92% من حجم الامتلاء للاستعداد لنقص الطاقة في فصل الشتاء.
إلا أن فواتير الطاقة والمنازل والشركات ستدفع الحكومة الفرنسية وغيرها من الحكومات الأوروبية إلى الإسراع في اقرار الحزم لانقاذ ما يمكن انقاذه خاصة اثناء مكافحتها للتضخم المرتفع.
وحتى الآن فإن فرنسا قد تبدو أقل عرضة للخطر من جيرانها؛ للعديد من الأسباب وأبرزها:
-
امتلاكها أكبر ترسانة للطاقة النووية في أي دولة من دول الاتحاد الأوروبي.
-
هي أقل الدول اعتمادًا على الغاز الطبيعي الروسي، إلا أنها تواجه أزمة طاقة خاصة بها.
حيث تعالج صناعتها النووية التشققات والتآكل والمشكلات الأخرى التي أجبرت EDF على إغلاق 32 مفاعلًا نوويًا من أصل 56 مفاعلًا نوويًا في فرنسا مؤقتًا.
وقد أدى انقطاع التيار الكهربائي في EDF ، وهي أيضًا أكبر مصدر للكهرباء في أوروبا ، إلى انخفاض إنتاج الطاقة النووية في فرنسا إلى أدنى مستوى له منذ ما يقرب من ثلاثة عقود.
-
أدى أسوأ جفاف شهدته فرنسا منذ 30 عامًا هذا الصيف إلى خفض مستويات الأنهار، وخفض إمدادات الطاقة الكهرومائية.
كما تواجه فرنسا الآن احتمالية لبدء انقطاع التيار الكهربائي في الشتاء والاضطرار إلى استيراد الطاقة بدلا من تصديرها بالشكل المعتاد إلى بريطانيا وإيطاليا ودول أوروبية أخرى.
وقد بدأت إشارات الكارثة في فرنسا من خلال حديث العديد من الشركات عن بداية المشاكل وتحديدا:
-
شركات صناعة الفولاذ والكيماويات والزجاج، عانت بسبب ارتفاع اسعار الكهرباء بالجملة.
-
الشركات المصنعة للنبيذ والكؤوس المائية الكلاسيكية، التي تعمل على الأفران.
وتحاول الحكومة الفرنسية تعويض بعض الشركات ببعض الخسائر، وذلك من خلال صندوق خاص بقيمة 3 مليارات يورو لمساعدة الشركات التي لا تستطيع دفع فواتير الطاقة الخاصة بها.
ويبدو ان هذه الاجراءات لن تكون كافية لمواجهة التضخم، حيث قالت وكالة الإحصاء الفرنسية إنسي:
“سيكون التضخم لدى اقتصاد فرنسا أعلى بنحو ثلاث نقاط مئوية عما هو عليه الآن”.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية