يبدو أن الحرب التجارية بين الصين واستراليا آخذة في التصاعد والسوء شيئا فشيئا، وقد اندفعت الصين اليوم إلى تعليق مختلف الأنشطة مع استراليا وفقا لما جاء في بيان لوكالة التخطيط الاقتصادية في بكين.
أصل الخلاف بين البلدين وبدايته:
لقد ساءت العلاقة بين الصين واستراليا في العام 2018 على خلفية حظر استراليا لشبكات الجيل الخامس على شركة الاتصالات الصينية هواوي، بدعوى مخاوف تتعلق بالأمن القومي الاسترالي.
ثم سرعان ما زادت العلاقة سوءاً، وذلك بعدما دعا الجانب الاسترالي لإجراء تحقيق مستقل في أصل فايروس كورونا، في إشارة صريحة لاتهام الصين بالتسبب في هذا الوباء العالمي.
وقد قامت الحكومة الأسترالية بزيادة تدقيقها في الصفقات الأجنبية؛ حيث ألغت في أبريل طرفين أجنبيين مشاركين في مبادرة الحزام والطريق التي تقودها الصين.
حيث قال النقاد الاستراليون آنذاك:
“إن برنامج تطوير البنية التحتية الإقليمية هو وسيلة لبكين لتوسيع نفوذها في الخارج.”
بينما قام المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية في نهاية 2020 بنشر بعض الصور التي تشير إلى أن الجيش الاسترالي قد قام بالكثير من الحروب والجرائم في حق بعض البلدان.
كما قامت الصين بنشر 14 شكوى ضد استراليا في محافل دولية، ثم قامت بفرض قيود على مجموعة من المنتجات الاسترالية.
حيث تمثلت أهم تلك القيود برفع التعرفة الجمركية من 107% إلى 200% على جميع أنواع النبيذ الاسترالي.
بينما وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، ذكرت وكالة رويترز، أن أستراليا تراجع عقد إيجار ميناء لشركة صينية.
ولكن وعلى الرغم من هذه الأسباب الظاهرية في الخلاف الصيني الاسترالي، إلا أن الكثيرين يرون بأن اسباب الخلاف أعمق من ذلك بكثير.
حيث قال جيمس لورنسون من معهد العلاقات الاسترالية الصينية:
“إن ما نراه الآن هو تراكم عدم الثقة في السنوات الأخيرة”.
ويمكننا التأكد من كلام جيمس من خلال العودة إلى وثائق كثيرة أكدت على شك الطرف الاسترالي بنوايا الصين.
كما قال “نيكي هتلي” الشريك في مؤسسة “ديلوين ايكونوميكس”:
“إن الصين ستستعمل خام الحديد كصفعة كبيرة وستضع استراليا في مأزق كبير.”
حيث تقوم الصين باستيراد 80% من خام الحديد، وهو ما يمثل 74 مليار دولار سنويا.
كما قالت:
“بمجرد أن تحارب الصين حديد استراليا، فهذا سيضع قيودا على قطاعات أخرى، وستؤدي إلى كارثة اقتصادية أكبر في استراليا”.
بل ذهب البعض إلى الحديث عن مدى سوء موقف استراليا، وذلك لأن استراليا من الدول القليلة التي لديها فائض تجاري مع الصين (اي أنها تصدر للصين أكثر مما تستورد).
حيث قال الاقتصادي الاسترالي البارز سول إيسليك:
“إن الصين لديها مخاطر أقل بكثير، نحن نبيع أشياء للصين يمكنها الاستغناء عنها أو شراؤها من اي مكان آخر، باستثناء خام الحديد وبعض الغاز الطبيعي المسال”.
كما قال الخبراء بأن القمح سيكون هو التالي في حرب البلدين، فيما يتوقع أن يظل الحديد سليما بسبب خصوصيته للصين تحديدا.
حيث تعتبر الصين أكبر مستهلك لخام الحديد، وأكبر منتج للصلب في العالم، بإنتاج وصل إلى 1.05 مليار طن عام 2020، وقد كانت سببا في رفع أسعاره العام الماضي.
ونحن نتحدث هنا عن استراليا والبرازيل كأكبر مصدري الخام الحديد للصين، تليها الهند بنسبة بسيطة جدا.
بينما يشير بعض المحللين في رويترز إلى ان الصين قد تلجأ إلى مناجم غرب إفريقيا التي تمتلك فيها مكانة مميزة.
أما عن سبب عدم اعتماد الصين على نفسها ومساحتها الكبيرة في استخراج خام الحديد فهذا يعود وفقا China Macro Economy:
أن امدادات خام الحديد المحلية في الصين مرتفعة التكلفة مقارنة بحجم انتاجها.
كما يتم استنفاد مناجمها بشكل سريع جدا.
ولكن إيسليك (الاقتصادي الاسترالي) علق على مسألة الحديد بين الصين واستراليا قائلا:
“لا بديل عن الصينيين فعليًا لشراء خام الحديد في غرب أستراليا ما لم يغلقوا صناعة الصلب الخاصة بهم”.
وبعد هذا العرض، نأتي للتساؤلات الكبيرة حول الحرب التجارية بين الصين وأمريكا على النحو التالي:
ماذا سيحدث بعدما قامت الصين بتعليق جميع الأنشطة مع استراليا وما هي الأمور التي ستترتب على هذه الحرب؟
وما هي التداعيات المستقبلية على اسعار السلع في مختلف أنحاء العالم خاصة وأن الحديد قد ارتفع بشكل قياسي خلال الفترات الماضية؟
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية