حينما يجتمع صناع السياسة النقدية في أي بلد لمناقشة مشاكل التضخم وآليات علاجها، فإنهم يصطدمون غالبا بحقيقة أن الشركات تستفيد من التضخم طالما يدفع الجميع فاتورة مبيعاتهم سواء أكانت خدمات أم منتجات.
وقبل الدخول في التفاصيل؛ فإنه تجدر الإشارة إلى نتيجة مهمة لا تغني عن قراءة التفاصيل
حيث إن هذه المقالة تشير إلى أن التضخم وإن كان ينخفض، فإن هناك مشاكل أخرى ما زالت قائمة وستمثل تبريرا لرفع الفوائد أو التمسك بها مرتفعة.
وبذلك فإن هذه المشاكل ما زالت تشكل داعما لارتفاعات العملات وتحديدا الدولار واليورو اللذان يشهدان استمرارا في رفع الفوائد.
التفاصيل: الشركات تستفيد من التضخم ! مشكلة قد تقدم للفوئد تعقيدا وللدولار دعما
ففي آخر اجتماع لصناع السياسة النقدية في المركزي الاوروبي الاسبوع الماضي، تم الحديث عن هذه الإشكالية.
وتمت الاشارة إلى ان ارتفاع الاسعار الذي طال كل شيء، أدى إلى زيادة التكاليف في مختلف الدول العشرين المكونة لمنطقة اليورو.
ليقوم المركزي برفع الفوائد بأكبر قدر خلال أربعين عاما لتهدئة الطلب، بحجة أن هذه الوسيلة ستكون فعالة في تهدئة التضخم.
إلا أن هناك ثلاثة مصادر كانت قد حضرت الاجتماع الاخير للمركزي الاوروبي في قرية إيناري الفلندية قد قالت:
“إن الاجتماع هدف إلى تعميق المشاكل المتعلقة بالتضخم بصورة غير اعتيادية”.
حيث قالت لاجرد رئيسة البنك المركزي الاوروبي:
“إن المزيد من رفع اسعار الفوائد أمر ممكن جدا”.
إلا أنها لاجارد وغيرها من الحاضرين للاجتماع، اصطدموا بإشكالية أن هوامش ارباح الشركات ترتفع بسبب ارتفاع الاسعار بشكل مباشر.
وهو الأمر الذي رفض الكثيرون من المجتمعين الحديث أو التعليق عليه.
إلا ان بول دونوفان، كبير الاقتصاديين في UBS Global Wealth Management:
“من الواضح أن التوسع في الارباح قد لعب دورا أكبر في قصة التضخم الأوروبي خلال الشهور الستة الماضية، وهو ما فشل المركزي الاوروبي في تبريره أثناء قيامه في محاربة التضخم”.
كما قال دونوفان:
“إن الشركات قامت برفع الاسعار بما يتجاوز تكاليفها على حساب المستهلكين وأصحاب الأجور”.
إلا أن صناع السياسة النقدية الأوروبيين يتحدثون عن فكرة أن الشركات ستصل إلى نقطة معينة وستوقف رفعها للأسعار، خوفا من فقدان حصتها في السوق.
ولكن ارقام المستهلكين، ما زالت تثبت حتى الآن بأنها ما زالت متماسكة، وهو ما يعني أن هناك قدرة على تقبل الارتفاعات السعرية.
ومن المقرر أن يجتمع الفيدرالي وأن يقوم برفع اسعار الفائدة لأعلى مستوى منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008.
وحتى الآن فإن الشركات تتوقع ارتفاعات أقل في الاسعار وانخفاض التضخم بشكل أفضل مما كان، وفقا لمعهد IFO الألماني.
وبدورها، فقد قامت بعض الدول الاوروبية مثل اليونان بإجراءات فعلية للحد من التضخم في السلع الأساسية.
بينما تناقش فرنسا وإسبانيا خطوات مماثلة لمحاربة التضخم بوسائل إضافية إلى جانب اسعار الفوائد.
وإذا أردنا الحديث عن الوضع لدى الولايات المتحدة الأمريكية، فإن الامر قد يكون مختلفا، إذ لايوجد بيانات رسمية لهوامش ربحية الشركات.
إذ يتم استخدام الحسابات القومية وتقارير الأرباح من الشركات المدرجة كوكلاء لرسم صورة التضخم.
وتبقى المشكلة حتى الآن تتمثل في جرأة البنوك المركزية برفع الفوائد، نظرا لبيانات السوق القوية التي تبرر المزيد من الفوائد.
في النتيجة؛
فإن الهدف من هذه الخلاصة للمقالة المهمة على موقع رويترز، يتمثل في التلويح إلى ان التضخم ينخفض، ولكن ليس بالسرعة التي يمكن أن تكون كافية من وجهة نظر البنوك المركزية.
وبالتالي؛ فإن البنوك المركزية ستواصل تمسكها بالفوائد المرتفعة (كما تمت الاشارة قبل أيام في مقالة طالعها من هنا)، ما دام هناك العديد من القضايا الاشكالية التي تغذي ارقام التضخم.
وأبرز تلك الإشكاليات:
-
الشركات تستفيد من التضخم حتى الآن.
-
أن سوق العمل ما زالت قوية.
-
المدخرات التي تكونت أثناء الوباء بسبب عمليات الانفاق والتحفيز الحكومية، ما زالت عند مستويات جيدة.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية