يشعر المستثمرون في الاسواق المالية من حول العالم بأن هناك احتمالية أكبر لزيادة تشديد السياسة النقدية من قبل الفيدرالي الأمريكي وتأثير ذلك على الاقتصاد بشكل عام، وخاصة مع بعض الأخبار القادمة من الصين على صعيد الانتاج، وهو ما يزيد من قلق جميع المتعاملين في الاسواق.
حيث استقرت عوائد سندات الخزانة الأمريكية قصيرة الأجل بالقرب من أعلى مستوى لها في شهر واحد، وهو ما جاء مساندا للدولار الأمريكي ليرتفع مقابل نظرائه وأقرانه الرئيسيين.
وقد تحدث رئيس الفيدرالي في رتشموند السيد توماس باركين الليلة الماضية بمجموعة من التعليقات المتشددة حول السياسة النقدية.
وهو ما يمكن أن يتم إضافته إلى جملة من التعليقات المتشددة من قبل العديد من أعضاء الفيدرالي وعلى رأسهم جيروم باول.
أما الإشارة المقلقة الجديدة والإضافية بالنسبة للمستثمرين، فقد جاءت اليوم من الصين.
حيث تراجعت أسعار بوابة المصانع في الصين الشهر الماضية بأكثر مما توقعه الاقتصاديون.
وهو ما يشير أن الطلب المحلي الذي غذى أسعار المستهلكين ليس قويا بما يكفي لإحياء قطاعات الاستكشاف والإنتاج.
بينما أظهرت بيانات المكتب الوطني للإحصاء الصيني، أن مؤشر التضخم قد ارتفع إلى 2.1% مقارنة بنسبة 1.8% في الشهر الذي مضى.
بل إن الاقتصاد الصيني ما زال يواجه رياحا معاكسة كبيرة، على صعيد:
-
استمرار مشاكل قطاع العقارات المتدهور.
-
ضعف الطلب الخارجي على المصدرين الصينيين.
-
مستويات شبه قياسية لبطالة الشباب.
ويشعر المستثمرون من حول العالم بارتفاع المخاطرة خاصة في ظل التصريحات الرسمية الأخيرة، وبيانات الصين، والبيانات الاقتصادية الأمريكية صاحبة الكلمة الأكبر لهذا الاسبوع، متمثلة بقراءة التضخم الأمريكي.
ولكن وحتى مع انخفاض التضخم كما هو متوقع، وما سيترتب عليه من تفاؤل كبير جدا من قبل اسواق المال.
فإن الفيدرالي أثبت ولمرات عديدة وتحديدا بعد اجتماع ديسمبر من العام الماضي، بأنه عازم على المضي قدما في رفع الفوائد.
حيث قال باركين في تدوينة صوتية على موقع الفيدرالي الأمريكي الرسمي:
“هل يهدأ التضخم فعلا؟ هذا هو السؤال الجوهري لهذا العام”
كما أضاف قائلا:
“إنني أشعر أن التراجع حتى الآن قد “تشوه” بسبب انخفاض أسعار السلع”.
أما المحللين الاقتصاديين الآخرين، فيبدو أنهم غير متفائلين بشكل كبير بقراءة التضخم هذه المرة.
حيث كتب كريس ويستون ، رئيس الأبحاث في Pepperstone ، في مذكرة للعملاء:
“أعتقد أن السوق ستفاجأ بمفاجأة صعودية أكثر من مفاجأة سلبية لأرقام التضخم في الولايات المتحدة”.
معربا عن عدم إيمانه بأن انخفاض التضخم سوف يترسخ هذا العام، بمعنى أنه لا يرى أن هناك انخفاضا كبيرا ومستمرا ومنتظما.
بينما قال توني سيكامور ، الخبير الاستراتيجي في IG:
“تفاءلت الاسواق بسبب نبرة الحذر من باول أثناء قرار الفائدة، ولكن وبعد 24 ساعة، تلقينا سيلا كبيرا من التعليقات المتشددة”.
ليضيف قائلا:
“اعتقد أننا سنتجاوز مسألة 5.25% التي اشار إليها الفيدرالي”.
علما أن اسواق المال تقوم بتسعير اسعار الفائدة في ذروتها حتى يوليو القادم عند 5.15%.
أما اسعار النفط وعلى الرغم من تراجعها بشكل عام، إلا أنها تتجه نحو تحقيق مكاسب اسبوعية.
حيث يعود هذا التذبذب في اسعار النفط إلى تأرجح السوق بين المخاوف من ركود اقتصادي أمريكي وأمل انتعاش اقتصاد العالم من بوابة الصين.
أما على صعيد اليابان، فقد تعزز الين حيث من المحتمل أن يتم تعيين كازو أويدا محافظًا لبنك اليابان.
المقالات التي تم الاستناد إليها في إعداد هذه المقالة:
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية