حذر العديد من المحللين من أن التداعيات المحتملة لانهيار عملاق العقارات الصيني إيفرجراند، قد تمتد إلى خارج الصين، فيما يزيد من الحديث عن حجم المشاكل الاقتصادية في الصين ، وذلك وفقا لوكالة CNBC.
حيث يقول (مارك ويليامز) كبير اقتصاديي آسيا في كابيتال إيكونوميكس:
“انهيار إيفرجراند سيكون أكبر اختبار واجهه النظام المالي الصيني منذ سنوات”.
وفيما يلي سنوضح أهمية وحجم هذه الكارثة:
لقد أصبح إيفرجراند الآن غارقًا في ديون ساحقة تبلغ 300 مليار دولار، بعد سنوات من التوسع السريع واغتنام الأصول مع ازدهار الاقتصاد الصيني.
وقد كان المطور العقاري العالمي المثقل بالديون يتدافع لسداد مدفوعات مورديه، وحذر معظم المستثمرين مرتين في عدة أسابيع من أنه قد يتخلف عن سداد ديونه.
كما وقال المسؤولون عن Evergrande:
“إن مبيعات الشركة العقارية من المرجح أن تستمر في الانخفاض بشكل كبير في سبتمبر بعد أن انخفضت لأشهر، مما يجعل وضع التدفق النقدي أكثر خطورة.”
بينما قالت وكالة رويترز بأن البنوك قد بدأت بفرض تقديم قروض جديدة لاستكمال مشاريع في هذه الشركة.
بينما قامت وكالات التصنيف مرارًا وتكرارًا بخفض تصنيف الشركة، مشيرة إلى مشاكل السيولة لديها.
ما أسباب هذه المشكلة أساسا؟!
تعود مشكلة هذه الشركة العملاقة إلى قيام السلطات الصينية بكبح تكاليف الاقتراض من المطورين العام الماضي.
حيث وضعت السلطات من خلال هذه التدابير حدا أقصى للديون فيما يتعلق بالتدفقات النقدية للشركة والأصول ومستويات رأس المال.
وهو ما كبح جماح الشركة في زيادة مبيعاتها، مما خفض من قدرتها على السداد مديونيتها قصيرة الأجل.
ونحن نتحدث هنا عن شركة Evergrande وهي ثاني أكبر شركة تطوير عقاري في الصين من حيث المبيعات.
ولمعرفة حجم هذه الشركة إليكم هذه المعلومات:
-
تمتلك الشركة أكثر من 1300 مشروع عقاري في أكثر من 280 مدينة في الصين.
-
تشارك فيما يقرب من 2800 مشروع في أكثر من 310 مدينة في الصين.
-
تمتلك الشركة سبع وحدات تعمل في مجموعة واسعة من الصناعات، بما في ذلك السيارات الكهربائية وخدمات الرعاية الصحية والمنتجات الاستهلاكية ووحدات إنتاج الفيديو والتلفزيون وحتى المنتزه الترفيهي.
-
تمتلك الشركة 200 ألف موظف، إلى جانب مساهمتها بأكثر من 3.8 مليون وظيفة كل عام.
-
أسهم الشركة متواجدة في عدد من المؤشرات عبر آسيا.
من سيتأثر إذن بهذه الكارثة الاقتصادية؟
سيتأثر بهذه الكارثة الاقتصادية مجموعة من البنوك والموردين ومشتري المنازل والمستثمرين.
حيث حذر المسؤولون في الشركة هذا الأسبوع من أن المشاكل المتصاعدة قد تؤدي إلى مخاطر أكبر للتخلف عن السداد.
كما أشار المسؤولون إلى أمر خطير جدا حينما قالوا:
“إذا لم نتمكن من سداد ديوننا فإننا نخشى حدوث عدوى التخلف عن السداد في مختلف القطاعات الاقتصادية الصينية”.
لماذا تعتبر هذه الكارثة الاقتصادية أحد أكبر المشاكل الاقتصادية في الصين ؟
يكفي أن تعلم بأن السيناريو الوحيد لحدوث هبوط في الاقتصاد الصيني تمثل بحدوث انهيار مطوري العقارات الرئيسيين وفقا للمحللين والاقتصاديين الصينيين أنفسهم.
توضح السيناريو:
إليكم السيناريو المطروح الآن باختصار شديد لتوضيح حجم الضرر الذي قد يلحق بالاقتصاد الصيني:
ستكون المصارف أول المتضررين بهذه الكارثة الاقتصادية نظرا لحجم الائتمان الممنوح.
بينما سيكون مشترو المساكن والمستثمرون هم الشريحة المتضررة (علما أن بعض الاضطرابات قد حدثت فعلا من قبل 100 مستثمر في مقر الشركة الاسبوع الماضي).
أما الشريحة الثالثة والتي قد تبدأ عدوى هذه الكارثة بالانتشار إلى خارج الصين من خلالها، فتتمثل بشريحة الموردين.
حيث أنه ووفقا لتصنيفات S&P Global، فقد تحاول Evergrande إقناع مورديها ومقاوليها بقبول الممتلكات المادية كدفعة -في محاولة للحفاظ على النقد لسداد القروض.
ونحن إذ نتحدث عن الموردين فإننا نشير إلى شرائح مختلفة في صناعات متعددة، بقيمة فواتير وذمم تجارية مستحقة بقيمة 37 مليار دولار (240 مليار يوان).
بينما قالت وكالة التصنيف فيتش:
“إن البنوك قد تتعرض أيضًا لانكشاف غير مباشر لموردي شركة Evergrande”.
حيث بلغت الذمم التجارية الدائنة للمطور 667 مليار يوان صيني (100 مليار دولار تقريبا)
إذن ما الذي يمكن أن يحدث لعلاج هذه المشكلة؟
من المرجح أن تتدخل الحكومة نظرًا لمدى أهمية Evergrande، وفقًا للمحللين.
حيث قال (دان وانج) الخبير الاقتصادي في بنك Hang Seng:
“Evergrande مطور عقاري مهم، وستكون إشارة قوية إذا حدث أي شيء لها”.
وأضاف قائلا:
“أعتقد أنه ستكون هناك بعض الإجراءات الداعمة من الحكومة المركزية، أو حتى البنك المركزي، في محاولة لإنقاذ الشركة.”
ونحن نتحدث أيضا هنا عن احتمالية كبيرة لإعادة هيكلة الديون، مع ترجيح الأولوية لمشتري المساكن والبنوك على الأطراف الأخرى.
وهو ما سوف يخلق مخاوف كبيرة لدى الموردين، وإمكانية حدوث اضطرابات في العديد من الصناعات، الأمر الذي قد يسلط الضوء على المشاكل الاقتصادية في الصين (والتي أشار إليها صندوق النقد الدولي سابقا)، إذا لم تتدخل الحكومة بشكل عقلاني ومتزن.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية