نقترب من نصف عام على انطلاق وتفشي فايروس كورونا في العالم، والذي أصاب معظم اقتصاد العالم بالعطب والتوقف، وقد بذلت الكثير من الحكومات الجهود في انقاذ ما يمكن انقاذه، من خلال خطط التحفيز النقدية وغيرها من الأمور التي حاول المسؤولون من خلالها العمل على منع النظام الاقتصادي القائم من الانهيار، إلا ان الإشارات السلبية، والمؤشرات الاقتصادية العالمية التي تصدر من هنا وهناك تؤكد على أننا أمام قيام نظام اقتصادي عالمي جديد، وقد كتب كل Zoe Schneeweiss و Vince Golle مؤخرا مقالة بعنوان “رسم معالم النظام الاقتصادي العالمي الجديد من قبل كورونا” وفيما يلي المؤشرات التي تدل على أننا قد اقتربنا من تحقيق ذلك:
كورونا وأمريكا:
انخفضت مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة بنسبة 16.4٪ في أبريل إلى رقم قياسي جديد مع تراجع الاقتصاد الأمريكي المتراجع، أي ضعف الانخفاض بنسبة 8.3٪ في مارس الذي سبقه، والذي كان الأسوأ في البيانات منذ العام 1992، أضف إلى ذلك معدلات البطالة التي كانت الأعلى منذ عهد الكساد الأعظم، مع انخفاض قدرة الناس على الإنفاق بشكل حاد.
أما مؤشر الناتج المحلي للمصانع والمناجم والمرافق العامة في البلاد فقد انخفض بنسبة 11.2٪ في أبريل، وهو أكبر انخفاض شهري في تاريخ 101 عاما وفق بيانات بنك الاحتياطي الفيدرالي، إلى جانب انخفاض إنتاج الصناعات التحويلية بنسبة قياسية قدرها 13.7 في المائة وسط انخفاض في جميع الصناعات الرئيسية.
ومع عدم امكانية تعافي الشركات الصغيرة قبل 6 أشهر أو أكثر ، فإن ذلك كله يؤكد على أن الولايات المتحدة الأمريكية امام نظام اقتصادي عالمي جديد.
كورونا واوروبا:
شهدت أوروبا ارتفعا في درجة عدم اليقين الاقتصادي في منطقة اليورو، حيث وصلت مستويات قياسية أثناء مواجهة كورونا وتدابير الاحتواء الصارمة، وما يؤكد على ارتفاع درجة عدم اليقين هو تجاوزها لمقياس عدم اليقين الذي انشأته بلومبرج ايكونوميكس بأربعة انحرافات معيارية فوق متوسطها على المدى الطويل في الشهرين الماضيين، وهذه إشارة أخرى للحديث عن نظام عالمي جديد.
كورونا والصين:
الوضع لدى الصين مختلف فقد زاد الانتاج الصناعى الصينى فى ابريل لاول مرة منذ اندلاع الفيروس التاجى مما زاد من الاشارات المبكرة للانتعاش التى حذر الاقتصاديون من انها ستكون بطيئة وصعبة .
كورونا وروسيا:
فإن المال نفذ من الروس بعد ستة أسابيع من الإغلاق وانتهاء الحد الأدنى من الدعم الحكومي، مما زاد من الضغوط التي دفعت الرئيس فلاديمير بوتين إلى البدء في إعادة فتح الاقتصاد حتى مع ارتفاع إجمالي الإصابات إلى ثاني أعلى مستوى في العالم.
أما على الصعيد الياياني، فقد تراجع الاقتصاد الياباني إثر تراجع ضريبة المبيعات والتي أشارت إلى ركود عميق، وتقف اليابان أمام مستقبل قد يكون أوسوأ مما تتوقعه هي نفسها إذا ما جاءت البيانات الاقتصادية سيئة بشكل كبير حتى مع رفع القيود على الحجر المفروض.
أما فيما يتعلق بأستراليا فهي الاقتصاد الأكثر اعتمادا على الصين في العالم المتقدم، مما يجعلها عرضة لأي هزة اقتصادية في حال ساءت علاقاتها الاقتصادية الصينية.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية