شهد يوم الجمعة انخفاض اسعار النفط بنحو سبعة بالمئة، ليسجل النفط بذلك أدنى مستوياته في أربعة أسابيع، بسبب ارتفاع مخاوف المستثمرين والأسواق بمختلف أنواعها من اقتراب الاقتصاد العالمي من الدخول في ركود أو انكماش اقتصادي على أقل تقدير، بسبب تشديد السياسات النقدية العالمية، التي قد تدفع إلى انخفاض الطلب على الطاقة بشكل عام.
وتتبادر إلى الأذهان أسئلة مختلفة عن مصير مستقبل النفط في حال حدوث ركود او انكماش أو في حال دخول الاقتصاد في مرحلة أزمة من نوع آخر.
ويمكننا دراسة سلوك النفط خلال ثلاثين عاما الماضية، للتنبؤ بالسلوك السعري للنفط، وتحديدا خلال أوقات الأزمات.
حيث يلاحظ السلوك السعري خلال فترات الأزمات المختارة وفقا لأهميتها على النحو الآتي:
أولا. أزمة عام 1997 “أزمة النمور الآسيوية”:
يلاحظ انخفاض اسعار برميل النفط (خام برنت القياسي) من مستويات 20 دولارا إلى 11 دولارا بعد عام هذه الأزمة.
ثم ليعود إلى الارتفاع في ظل الانتعاش الذي أدت إليه ثورة الدوت كوم ليصل عام 2000 لأعلى مستوياته 32 دولارا.
ثانيا. أزمة الدوت كوم ما بعد عام 2000:
عادت أسعار النفط للانخفاض بسبب أزمة الدوت كوم التي دفعت البنوك المركزية بعد ذلك إلى رفع الفوائد بمستويات قياسية تجاوزت في أمريكا 5% عام 2006.
حيث أدت خسائر الشركات التكنولوجية إلى أزمة سريعة آنذاك دفعت إلى انخفاض اسعار النفط لمستويات 18 دولارا.
يمكنك معرفة مدى خطورة أزمة الدوت كوم من خلال مقطع كواليس المال على قناة اليوتيوب من خلال الضغطهنا.
ثالثا. الأزمة المالية العالمية 2007-2008:
وصل النفط إلى أعلى مستوياته على الإطلاق عام 2008، متزامنا آنذاك مع ازدهار اقتصادي “مشكوك فيه”.
حيث تجاوزت الأسعار مستويات 140 دولارا للبرميل الواحد من خام برنت، بدفع من زيادة الطلب على الطاقة عالميا.
إلا أنه وسرعان ما انهارت الأسعار بسبب الركود الذي دخل فيه الاقتصاد العالمي بسبب أزمة الرهون العقارية آنذاك.
فانخفض النفط بمستويات عنيفة خلال عام واحد تقريبا من 140 دولارا إلى مستويات دون 45 دولارا للبرميل.
وقد قامت الدول الكبرى بضخ التريليونات من الدولار، وتخفيض اسعار الفوائد، بهدف تنشيط الاقتصاد وهو الذي ظهر أثره بداية عام 2012.
حيث أدى تنشيط الاقتصاد إلى دفع الطلب على الطاقة، مما أدى إلى رفع اسعار البرميل إلى 127 دولارا أمريكيا.
وسنقف عند هذه الأزمة المالية العالمية؛ حيث تعرضت اسعار النفط بعد ذلك للعديد من التذبذبات، تبعا للعوامل السياسية والعسكرية في مختلف انحاء العالم.
حيث هبط النفط عام 2015 إلى مستويات حرجة وصلت آنذاك إلى 35 دولارا، الأمر الذي حث الدول النفطية لبذل الجهود لمحاولة تحديد سعر عادل لنفطها.
ليصل برميل النفط الواحد، بسبب الجهود المبذولة، إلى أعلى مستوياته، حينما وصل مستويات 82 دولارا عام 2018.
ثم لينخفض برميل النفط بشكل كارثي في بداية عام 2020 بسبب الركود الذي دخل فيه الاقتصاد على خلفية الجائحة الصحية.
في النتيجة،
فإن انخفاض النفط في الوقت الحالي، يعد مزيجا من المضاربة على الدولار المرتفع من جانب، وارتفاع مشاعر عدم اليقين من جانب آخر.
كما يمكن اعتبار انخفاض النفط نتيجة لأوضاع حالية، ومؤشراً خطيرا جدا على ما هو قادم.
حيث أن انخفاض معنويات الأسواق، وزيادة المخاوف من اندفاع الاقتصاد نحو الركود، قد يؤدي إلى تخفيض الطلب على الطاقة.
وهو ما أشار إليه إدوارد مويا كبير محللي السوق في شركة أواندا للبيانات والتحليلات وفقا لرويترز.
وشارك إدوارد هذا الرأي المحلل جون كيلدوف من شركة أجين كابيتال في نيويورك، مؤكدا على دور الفائدة في زيادة هذا الشعور.
كما يمكن اعتبار ما سبق تحليله إشارة خطيرة، ترفع احتمالية الدخول في الركود الاقتصادي، الذي تم التنبؤ ببداية ظهور مؤشراته خلال ما تبقى من العام الحالي أو العام القادم.
ناهيك عن مسألة التخوف من أن تؤدي المشاكل السياسية والاقتصادية إلى إحداث اضطراب في اسواق النفط.
وفي ما يلي رسمٌ لأداء النفط خلال الأزمات التي تم تناولها في هذا المقال، للتعريف بسلوك النفط في أوقات الأزمات.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية