انتعشت اسواق المال الأمريكية بداية النصف الثاني من هذا العام، بعد تسجيلها لأسوأ أداء نصف سنوي منذ عام 1970، ولكنها عاودت الانخفاض مرة أخرى، ليسرع المراقبون والمحللون لمحاولة تحليل الأسواق المالية الأمريكية وتوقع أدائها.
وستحاول هذه المقالة المترجمة عن وكالة رويترز، بتصرف، عرض الرؤية المتفائلة والمتحفظة في توقع وتحليل الأسواق المالية الأمريكية .
أولا. النظرة المتفائلة لصالح اسواق الأسهم:
يكتسب الانتعاش في الأسهم الأمريكية ثقة بين المستثمرين الذين يدرسون اتجاهات السوق، مما يعزز الآمال في النصف الثاني من عام 2022.
حيث يعتمد الاداء الجيد للأسهم على أمرين هما:
– انحسار المخاوف من رفع الفوائد حتى لا يقع الاقتصاد في الركود.
– أداء الشركات الذي جاء أفضل من التوقعات.
ويتمسك المتفائلون بنظرتهم الإيجابية، ويغضون النظر عن تأكيدات العديد من المسؤولين الفيدراليين على المضي قدما في رفع الفائدة.
حيث يؤكد المتفاؤلون على أن الأسواق المالية ستعاود الارتفاع بعد الانخفاض الأخير لها الذي جاء بعد سلسلة من أربعة مكاسب اسبوعية متتالية.
كما يستبعد بعض المتفائلين نتائج ندوة جاكسون هول التي سيعقدها رئيس الفيدرالي نهاية الاسبوع الجاري.
وهي الندوة التي إما أنها ستعيد الحياة بشكل كبير للأسواق، أو أنها ستنعش الدولار على حساب الأسهم، تبعا لتصريحات الفيدراليين الأولية.
فالمتفائلون يستبعدون فكرة تلاشي المكاسب الأخيرة للأسهم معتمدين بذلك على اتساع وزخم وأنماط التداول الجيدة.
حيث قال ويلي ديلويتش، محلل استراتيجي للاستثمار في شركة أبحاث السوق All Star Charts:
“ما حدث من انخفاض كانت تشير إليه بعض المؤشرات، وهذا أمر طبيعي لا يدعو إلى التخوف من أسواق المال في هذه المرحلة”.
أما عن المؤشرات التي تدعو المستثمرين والمحللين إلى التمسك بالتفاؤل، فيتعلق أحدها بما يسمى بـ”الاتساع أو الاتساق”.
وهو المؤشر الذي يشير إلى مدى انسجام ارتفاع أو انخفاض كمية كبيرة من الأسهم مع بعضها البعض.
حيث يقول المحللون في هذا الشأن:
“لقد انخفضت درجة الاتساع بين الأسهم نهاية العام الماضي، وهو ما دفع إلى التراجع النصف سنوي لهذا العام، وهو أمر لا يحدث الآن”
وهذا يعني أن عدد الأسهم التي تنخفض أو ترتفع بشكل متناغم ارتفعت، وهو ما يعني أن الأسواق جيدة، من وجهة نظر المتفائلين.
وقد قال إد كليسولد ، كبير المحللين الاستراتيجيين الأمريكيين في Ned Davis Research:
“لقد زادت الشركة لدينا من تعرضها للأسهم الأمريكية التي لم تكن تتأثر بشكل كبير بالارتفاع او الانخفاض”.
النظرة المتحفظة بالنسبة لأداء اسواق المال والتي تسير لصالح الدولار:
تحدث بعض المحللين الآخرين المتحفظين إزاء التفاؤل بأداء الأسواق المالية وذلك بالاعتماد على مؤشراتهم الخاصة.
حيث قال المحللون لدى دائرة الأبحاث في بنك أوف أمريكا:
“إن الأسهم تراجعت تاريخيًا إلى القاع عندما كانت حصيلة التضخم مقسوما على الأرباح أقل من 20، إلا أن النسبة تشير الآن 28.5 وهذا يعني زيادة في تآكل الأرباح”.
كما فسر الخبراء الانخفاض الأخير في سوق الأسهم، على أنه انخفاض مؤقت، نجم عن بيع تكتيكي من قبل المستثمرين.
حيث كتب ويلي ديلويتش، من All Star Charts :
“هذا التراجع جاء من موقع قوة سابقة، ومن المرجح أن نرى القوة السابقة تولد قوة جديدة قادمة”.
إلا أن سون ستراتيجاس قالت:
“إن الشكل الحالي لمنحنى عوائد السندات لصالح السندات قصيرة الأجل، ما هي إلا علامة كانت تسبق فترات الركود السابقة”.
وفي النتيجة؛
فإن الارتفاعات الجيدة لمؤشرات أسواق المال الأمريكية بداية النصف الثاني، جاءت بدفع من التفاؤل بأمرين يدعوان إلى التفكير كثيرا.
حيث أن التفاؤل بأن الفيدرالي لن يقوم برفع الفائدة حتى لا يقع الاقتصاد في الركود، هو أمرٌ لم تثبت صحته حتى الآن.
بينما يمكن تبرير نتائج الشركات النصفية، بالتوقعات الهزيلة التي سبقتها، والتي استطاعت أغلب الشركات تخطيها.
كما أن الأداء الجيد الذي حققته الشركات سابقا، قد يكون صعب التكرار خلال الارباع القادمة بسب ارتفاع تكاليف الاقراض، واقتراب الشركات من ارتفاع التكاليف كلما اقترب العالم من فصل الشتاء المتكلف.
ننصحك بالاطلاع على:
مقالة لتفسير نتائج الشركات نصف السنوية، من خلال الضغط هنا.
كما يمكنك التعرف على سبب تفضيل الركود على التضخم، من خلال الضغط هنا.
أما فيما يتعلق بندوة جاكسون هول، فيمكنك الضغط هنا.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية