أحاول في المقالة الحالية الإجابة عن تطور التأمين وعصر فقاعة التأمين الذي يمكن اعتباره بداية لضعف الثقة بشركات التأمين من قبل الجمهور.
لقد تطورت أعمال التأمين تبعا لتطور الحياة وتعقيداتها وتطور التجارة الخارجية وارتفاع المخاطر التي كان لابد من التأمين ضدها.
حينما نتحدث عن التأمين ببساطة شديدة فإننا نشير إلى أن التأمين يعبر عن الأمور التي يتم اتخاذها للقضاء على المخاطر أو تخفيفها.
أما إذا ما أردنا الحديث عنه بشكل أكثر توسعا، فيمكننا الاستشهاد بتعريف موقع investopedia؛ حينما عرف عقد التأمين على أنه:
“عقد يرسم سياسة واضحة بين طرفين، يتلقى من خلاله (المستفيد) سواء كان فردا أو كيانا اعتباريا حماية مالية أو تعويضًا عن خسائر محددة من قبل شركة التأمين”
ميلاد التأمين في عصور ما قبل الميلاد :
تعود بدايات التأمين بشكل ما إلى عصور ما قبل الميلاد، وذلك حينما تطورت تجارة وحياة الناس وتعددت ممتلكاتهم.
وتطور أنظمتهم من نظام المقايضة إلى النظام النقدي، ومن حياة البقاء في منطقة معينة، إلى التنقل إلى المناطق الأخرى.
تتم الإشارة إلى بدايات التأمين والتحوط ضد المخاطر إلى التجار الصينيين والبابليين في الألفية الثالثة والثانية قبل الميلاد.
حيث قام التجار الصينيون بتوزيع بضاعتهم على العديد من السفن وذلك لتلافي خسارة وضع البضائع على سفينة واحدة يمكن أن تتعرض للغرق وخسارة كل شيء وهذا ما يعرف بتوزيع الخسائر أو التحوط ضد الخسائر المتوقعة في عصرنا الحالي.
أما البابليون فقد أنشأوا نظامًا تم تسجيله في شريعة حمورابي الشهيرة، وتحديدا عام 1750 قبل الميلاد.
حيث أشارت الوثائق إلى أن التاجر الذي سيحصل على قرض معين لتمويل شحنته، سوف يدفع لهذا المقرض مبلغ إضافيا مقابل ضمان المقرض لإلغاء القرض في حال سرقة الشحنة أو فقدها في البحر.
وما قام به البابليون هو ما يمكن أن يُذكرنا بتأمين ضد السرقة بشكل غير مباشر.
الإنجليز ودورهم في تطور صناعة التأمين وعصر فقاعة التأمين :
أما عن العصر الحديث فإن للبحارة الإنجليز دور في الحاجة للتأمين بسبب زيادة تجارتهم البحرية وزيادة أخطارها.
وللإنجليز دور مهم في تطوير أعمال التأمين ونشوء نوع آخر من التأمين ماثل حتى يومنا الحالي.
حيث تم إنشاء Lloyd’s of London وهو بمثابة سوق للتأمين الدولي تم إنشاؤه في القرن السابع عشر كمقهى يرعاه التجار والمصرفيون ومتعهدو التأمين ، وشيئا فشيئا عُرف تدريجيا باعتباره المكان الأكثر احتمالية للعثور على ضامني التأمين البحري.
وفي العام 1666 شب الحريق العظيم في لندن، وهو ما أعلن عن ميلاد التأمين ضد الحريق.
ويمكن النظر إلى عام 1711 بمثابة ميلاد شركات التأمين المتخصصة في إنجلترا، وهو ما يُشار إليه على أنه عصر فقاعة التأمين.
وحينما نتحدث عن فقاعة التأمين فإننا نشير إلى أن من قاموا بتأسيس تلك الشركات كانوا يسعون إلى الثراء السريع مستعينين بالوعود الكاذبة، وهي أولى إشارات عدم الثقة بين الناس وشركات التأمين.
أما عن الشركتين اللتان تدين لهم صناعة التامين الحديثة بما هي عليه اليوم فهما:
-
شركة London Assurance Corporation
-
وشركة Royal Exchange Assurance Corporation
أمريكا ودرها في تطوير صناعة التأمين:
أما في أمريكا فقد تم إنشاء أول شركة تأمين أمريكية عام 1752 من قبل بنجامين فرانكلين في فيلادلفيا.
وقد اتخذت صفة التأمين على الحياة في المستعمرات الأمريكية، إلا أن شركات التأمين الأمريكية الأخرى لم تنجح في البقاء.
وتعود أسباب فشل شركات التأمين الأمريكية إلى الإدارة السيئة، وعدم فهم التأمين وغياب أساسياته، والاستثمار السيء، وحريق شيكاغو العظيم عام 1871 وزلزال سان فرانسيسكو عام 1906، ففشلت أكثر من أربعين شركة أمريكية عبر الزمن.
إلا أن القرن العشرين حمل أمورا مهمة مثل تنظيم أعمال التأمين، ووضع أسس أكثر وضوحا، ونشوء بعض الخبرة.
فوصل عدد شركات التأمين في أمريكا فقط عام 1987 تقريبا خمسة ألاف شركة يعمل في ظلها مليوني عامل.
تطور التأمين في الوطن العربي:
أما عن التأمين المعاصر في شكله الحالي في الوطن العربي فتعود أولى بذوره إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
حيث تم إنشاء وكالات التأمين الأجنبية لتخدم الجاليات الأجنبية في البلاد العربية، ولكن وجود شركات التأمين العربية فيعود إلى مصر.
حيث تأسست أول شركة للتأمين في مصر وهي شركة التأمين الاهلية المصرية عام 1900م ومن ثم بدأ تأسيس الشركات الوطنية تباعاً في الدول العربية ومنها:
-
شركة التأمين التعاوني في تونس عام 1912م
-
شركة التأمين العربية المحدودة في لبنان عام 1944م
-
شركة التأمين الملكي المغربي في المغرب عام 1949م
-
شركة التأمين الوطنية في العراق عام 1950م
-
شركة التأمين الأردنية المساهمة المحدودة في الأردن عام 1951م