لقد كان النصف الأول من هذا العام، نصفا بائسا بالنسبة لسوق الاسهم التي خسرت 20 تريليون دولارا أمريكيا بعد الصعود الصاروخي الذي طالها خلال العام 2021، مدفوعا بالتسهيلات النقدية التي قدمتها مختلف البنوك المركزية، إلا أن توقعات الاسواق المالية للنصف الثاني لعام 2022 يتم تقييمها من قبل المستثمرين بشكل حثيث ودقيق، خاصة مع ارتفاع مخاوف الركود الاقتصادي في حده الأعلى، أو الانكماش الاقتصادي في حده الأبسط، وذلك بالتزامن مع ارتفاع الفوائد من قبل مختلف البنوك المركزية وعلى رأسها الفيدرالي بهدف محاربة التضخم الأعلى منذ أربعين عاما.
توقعات الاسواق المالية للنصف الثاني من عام 2022: الرأي المتشائم!
يقول الاستراتيجيون إن الركود الاقتصادي المقترن بضعف أرباح الشركات، يمكن أن يؤدي إلى تدهور أوضاع السوق.
فعلى صعيد مؤشر S&P فإنه سيكون عرضة للانخفاض بنسبة 10% على الأقل بسبب انخفاض الأرباح.
وهو ما قد يؤدي إلى تفاقم الخسائر لهذا المؤشر الذي انخفض بالفعل بنسبة 18% منذ بداية العام وحتى الآن.
وبحسب ليندسي بيل كبير الاسواق والستراتيجي المالي في ALLY فإن المستثمرين يتوقعون تباطؤا في الأسواق.
وحتى الآن فإن السؤال الأكثر ترددا الآن يدور حول مدى عمق الركود الأكثر احتمالا.
وهو الأمر الذي سيتحدد بناء على حجم اسعار الفوائد التي سيقوم الفيدرالي بمواصلتها خلال هذا العام، وتحديدا اجتماعات ما بعد هذا الشهر.
حيث تلقى الفيدرالي دفعة جيدة لرفع الفائدة هذا الشهر بمقدار 75 نقطة أساس، على أن يتم تحديد الفوائد بعد ذلك اعتمادا على تطورات معدلات التضخم.
بينما يتوقع المزيد من تقلبات السوق وسط تصاعد التكهنات بشأن ما سيفعله بنك الاحتياطي الفيدرالي.
ويحمل هذا الشهر العديد من المعلومات والبيانات الاساسية حول مسار الاقتصاد الأمريكي، حيث سيتم الاعلان عن تقارير الارباح النصفية للشركات.
ليقوم المستثمرون بتحليل هذه البيانات، بما فيها أيضا بيانات التضخم التي سيتم مراقبتها بشكل أكثر حدة.
كما أن الفيدرالي الأمريكي اعترف أنه سيحدث هبوطا اقتصاديا ناعما بسبب ارتفاع الفوائد دون أن يتسبب ذلك في إزعاج الاقتصاد.
ولكن المستثمرين يرون أن الانخفاضات الحادة في الاسهم تشير إلى أن التباطؤ الاقتصادي سيضرب اسواق الاصول بما فيها الأسهم.
حيث يقول كيث ليرنر كبير مسؤولي الاستثمار في Truist Advisory Services:
“إن البيئة الصعبة تنعكس في أسعار الأسهم “.
بينما قال المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية في أمريكا:
“إن حدوث حالة ركود أمر لا بد منه، وسيستمر في جميع انحاء الاقتصاد أكثر من بضعة شهور”.
أما بنك UBS، فقد توقع انخفاض مؤشرات الاسواق المالية وتحديدا S&P500 بحوالي 31% إذا أدى الركود إلى انخفاض الارباح.
فيما لم يستبعد حدوث حالة من الركود التضخمي الذي سيكون مزعجا بشكل كبير للنمو الاقتصادي.
وقد أعطى محللو هذا البنك فرصة 30% لحدوث الركود، ونسبة 20% لحدوث الركود التضخمي.
فيما تحدث بنك اوف امريكا عن الاحتمالية المتزايدة لبيئة تضخمية مصحوبة بالركود، وقال خبراؤه:
“نوصي المستثمرين بتنويع الاستثمارات وتحديدا في الطاقة والقطاعات الدفاعية مثل قطاع الرعاية الصحية”.
توقعات الاسواق المالية للنصف الثاني من عام 2022: الرأي المتفائل!
إلا أن سيناريو الهبوط الناعم الذي تحدث عنه الفيدرالي فإنه يبقى السيناريو الأكثر ترجيحا بنسبة 40%، والذي سيؤثر على أسواق الأسهم بشكل أقل حدة.
أما وفي حالة كانت الأرباح قوية مع معدل تضخم معتدل، فإن الاسهم سترتد إلى مستويات قياسية تشبه ما بدأت به هذا العام.
فيما قال الاستراتيجيون في معهد ويلز فارجو للاستثمار:
“إن هناك احتمالية كبيرة لحدوث ركود معتدل في امريكا بشكل سيؤدي إلى تراجع في اسواق الاسهم”.
بينما قال استراتيجيو بنك سيتي بانك بلغة متفائلة:
“إن هناك فرصة لحدوث سيناريو الهبوط الناعم للاقتصاد بنسبة 55%، وأن فرصة الركود تقف عند 40%”.
بينما لم يروا أكثر من 5% لحدوث ركود عميق، وأن لا يوجد أي تأثير على اسواق الأسهم.
تم الاعتماد في إعداد هذه المقالة على ما ورد في وكالة رويترز.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية