إذن فها هي كارثة تغير المناخ العالمي تعطي إشارة إنذار من ألمانيا، بعد هطول الأمطار التاريخية التي تسببت في فيضانات مدمرة كما وصفها موقع CNN.
وقد أعلنت الأخبار عن وفاة أكثر من 125 شخص في شمال غرب أوروبا وخلفت أكثر من 1000 في عداد المفقودين.
حيث قالت وزيرة البيئة الألمانية سفينيا شولتز رداً على لقطات الكارثة التي تكشفت تباعا:
“هذه هي بوادر تغير المناخ التي وصلت الآن إلى ألمانيا”.
كما وصفت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الفيضانات قائلة:
“هي مؤشر واضح على تغير المناخ وشيء يظهر حقًا الحاجة الملحة للعمل”.
إن قيام المسؤولين الأوروبيين برسم خط مباشر بين هذا الحدث الجوي القاسي وتغير المناخ قد لا يكون مفاجئًا.
حيث أن الكارثة جاءت بعد يوم واحد فقط من إعلان الاتحاد الأوروبي عن مجموعة شاملة من المقترحات لمعالجة حالة الطوارئ المناخية.
وهي مقترحات تواجه معارضة شديدة من العديد من القطاعات، بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي الأقل ثراءً أو تلك التي تعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفوري.
إلا أن هذه الكارثة قد تعمل على تقوية موقف المسؤولين في توضيح سبب الحاجة إلى مثل هذه السياسات الطموحة لمواجهة كارثة تغير المناخ العالمي .
خاصة وأن صندوق النقد الدولي أعلن في اكتوبر من العام الماضي عن علاج ممكن لظاهرة تغير المناخ التي حذر منها مرارا وتكرارا.
ما قول العلماء المترددين دوما في الإشارة إلى تغير المناخ؟
أما عن موقف العلماء الذين كانوا في الماضي مترددين صراحةً في ربط أي حدث مناخي متطرف بتغير المناخ ، فقد قالوا بوضوح:
“إن تغير المناخ من المحتمل أن يكون له دور كبير هنا”.
حيث قال فريدريك أوتو من معهد التغير البيئي بجامعة أكسفورد وفقا لقناة DW:
“إن هطول الأمطار الذي شهدناه خلال الأيام القليلة الماضية هو طقس شديد القسوة يزداد شدته بسبب تغير المناخ”.
وقد قالت خدمة الأرصاد الجوية الوطنية في ألمانيا:
“لقد سجلت الولايتان الأكثر تأثراً -راينلاند بالاتينات ونورد راين فيستفالن- ما بين 4 و 6 بوصات من الأمطار في 24 ساعة بين 14 و 15 يوليو.”
وبعبارة أخرى فهي نفس الكمية التي تراها المنطقتين المنطقة عادة في غضون شهر.
كيف لظاهرة تغير المناخ العالمي أن تؤثر على الوطن العربي ولماذا يجب علينا الخوف؟
تحدثت هايلي فاولر استاذة تأثيرات تغير المناخ في كلية الهندسة في جامعة نيوكاسل عن نوعين من الروابط الرئيسية بين تغير المناخ وأحداث هطول الأمطار الشديدة.
حيث أشارت إلى:
أولا. الجو الأكثر دفءً يمكن أن يحمل المزيد من الرطوبة؛
حيث ارتفاع درجة الحرارة بدرجة واحدة يمكن أن يمنحك زيادة بنسبة 7% في كثافة هطول الأمطار.
ثانيا. أقطاب الأرض تزداد في درجة الحرارة بمعدل ضعفين إلى ثلاثة أضعاف معدل خط الاستواء؛
وهذا يعني أن يكون سببا في حدوث عواصف بطيئة الحركة ومزدوجة الشدة، أي أن العواصف ستبقى لفترات أطول مما نعرف.
هل ستضرب هذه الكارثة الوطني العربي، وماذا لو حدثت فعلا؟
هذان العاملان ليسا غريبان عن الوطن العربي، حيث شهد ارتفاعا متزايدا في درجات الحرارة دون الالتفات الجدي لمسألة جهوزية البنية التحتية.
حيث تنقلنا عبارة البنية التحتية إلى الحديث عن مسألة جهوزية الدول العربية لعواصف شديدة العمق ولفترات طويلة.
حيث قالت ليندا سبايت، أخصائية التنبؤ بالفيضانات في جامعة ريدينج في إنجلترا:
“في جميع أنحاء العالم ، نحتاج إلى الاستعداد بشكل أفضل لهذه الأنواع من الأحداث”.
كما أضافت قائلة:
“يمكن للجميع تعلم الدروس من الفيضانات في ألمانيا ومعرفة كيف يمكنهم تطبيقها لتحسينها ليكونوا أكثر استعدادًا في بلدانهم.”
ويبدو أن الوطن العربي سينقسم إلى عدة أقسام في حالة حدوث هذه الكارثة -لا قدر الله- ما بين دول ذات قدرة على التعامل خلال السنوات القادمة على تحسين بنيتها التحتية.
بينما ستعجز دول أخرى -دون ذكر اسماء محددة- عن التفكير عن تحسين بنيتها خلال أي فترة قادمة.
فهل سنستمع قريبا عن قوانين صارمة للاستعداد لمواجهة مثل هذه الكوارث الطبيعية؟
خاصة وأن الأصوات التي نادت كثيرا بكارثة تغير المناخ وضرورة الاستعداد لها لطالما تم تجاهلها بشكل كبير.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية