تعرفنا سابقا على التضخم الاقتصادي، وفيما يلي سنتعرف على ما المقصود بالركود الاقتصادي .
يُعرِّف الجهاز الوطني للبحوث الاقتصادية الركود على أنه:
“انخفاض كبير في النشاط الاقتصادي بشكل عام، يستمر لأكثر من بضعة أشهر، يتمثل في انخفاض الناتج المحلي الإجمالي، والدخل الحقيقي، والعمالة، والمؤشر الصناعي، والإنتاج، ومبيعات الجملة والتجزئة”.
كما أن الركود غالبا ما يحدث بسبب عدم قدرة الأعمال التجارية على النمو، أو انخفاض الناتج المحلي الإجمالي لربعين متتاليين، مع ارتفاع في معدلات البطالة، وانخفاض أسعار المساكن.
حينما نتحدث عن الركود، فإننا نتحدث عن أمور تحدث بشكل متتابع غير مشروطة بترتيب معين.
فحينما تفشل الشركات في تحقيق النمو في أعمالها، فإنها عادة تلجأ إلى تقليص التكاليف، أو تخفيض الإنتاج، وبالتالي فإنها تلجأ إلى تسريح العمالة في الغالب.
وهذا المثال قد يكون المثال الأكثر وضوحا لأغلب حالات الركود التي جرت في التاريخ المعاصر.
إلا أن الوضع الحالي الذي فرض الركود على الولايات المتحدة الأمريكية أو المملكة المتحدة، أو غيرهما إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه، فإنه يعبر عن ركود إثر أزمة اقتصادية عالمية.
أزمة فرضت تخفيض الإنتاج على الشركات، وبالتالي عدم قدرتها على النمو، مما أدى بها إلى تسريح العمالة، وانخفاض مبيعاتها إما بالجملة أو التجزئة (ويمكننا استثناء السلع الاستهلاكية في هذه الظروف).
الركود الاقتصادي وفقا للاقتصاد الكلي والاقتصاد الجزئي:
فيما يتعلق بتعريف الركود وفقا لمؤشرات الاقتصاد الكلي:
فإن الركود يتم عبر انخفاض الناتج المحلي الإجمالي لربعين متتالين، وبالتالي انخفاض الأرباح، والضغط على الإنتاج، وتخفيض التكاليف، وتسريح العمالة، وانخفاض عوائد الاستثمار، وتدهور الاقتصاد شيئا فشيئا بشكل مماثل لتفشي عدوى في جهاز الاقتصاد ككل.
أما الركود وفق مؤشرات الاقتصاد الجزئي:
فالحديث يبدأ بانخفاض الإيراد بالنسبة للشركات، بسبب الاستثمار أو الأنشطة التشغيلية، مما يؤدي إلى لجوء الشركات إلى إعادة النظر في العقود، أو الاستدانة، أو قبول شروط مجحفة بعض الشيء، أو اللجوء الجزئي لتسريح العمال.
ما هي الأسباب العامة لحالات الركود؟
حسب النظريات الاقتصادية، فإن الركود قد يعبر عن أحد الحالات التالية:
-
الفشل الاقتصادي (على صعيد فشل السياسات المالية أو النقدية) أو،
-
الفشل المالي (على صعيد الأزمات المالية) أو،
-
العامل النفسي السيء (في حالات الحروب أو ما بعد الأزمات حتى وإن انتهت).
حيث أن هذه العوامل تؤثر بشكل مباشر على فشل الأعمال، مما يؤدي بالنتيجة إلى ظهور الركود الاقتصادي.
أما على الصعيد التحليلي للركود، فإن النظر إلى العوامل الحالية (الآنية) للاقتصاد دون النظر للعوامل السابقة للركود، يعد نظرا قاصرا لتفسير أو التنبؤ بالركود.
حيث أثبتت الأزمة المالية العالمية الأخيرة بأن المتفحص للسنوات التي سبقت هذه الأزمة، سيجد إشارات إنذار عدة حذرت من أن الاقتصاد سيدخل في أزمة آجلا أم عاجلا.
وذلك بعد الضخ الهائل للأموال في الأسواق، والتوسع في الائتمان، ورفع معدلات الفائدة بشكل هائل وتحديدا بعد العام 2006/2007. (أنظر إلى الصورة أعلاه توضح الأسباب التقليدية لحدوث الركود الاقتصادي)
كل ذلك أدى إلى التحذير مرارا وتكرارا بأن الاقتصاد سيدخل في آتون الركود في حال حدوث أية أزمة مالية ما.
أما عن العامل النفسي فهو أمر مهم ومعقد أيضا؟
تشير بعض الدلائل إلى أن فترة الازدهار الاقتصادي، والتوسع في الائتمان، وزيادة مكاسب الاستثمار، تؤدي إلى شعور المستثمرين بالاقتراب من الذروة، وأنه لابد من حدوث ردة عكسية آجلا أم عاجلا، وهو ما حدث أيضا قبيل حدوث الأزمة المالية العالمية.
الركود الاقتصادي في زمن الكورونا:
على الرغم من أن الحديث عن الركود في زمن الكورونا ما زال مُبكرا، خاصة وأن الكثير من الدول تعمل على سن القوانين التي قد تحول دون استمرار الركود الاقتصادي.
إلا أن الركود الاقتصادي الحالي، جرى نتيجة خلل في الكثير من الأمور بشكل متزامن، والتي تتمثل في النقاط التالية:
-
إغلاق الحدود والذي عمل على تشويه سلسلة التوريد.
-
إنخفاض الطلب على الموارد والمنتجات الأولية اللازمة للتصنيع.
-
انخفاض شهية المستثمرين نحو السلع الخطيرة بسبب العوامل النفسية السيئة.
-
زيادة تسريح العمال وانخفاض الإنتاجية نتيجة الإغلاقات العامة، مما أدى إلى زيادة نسبة البطالة.
-
الإنفاق الحكومي المبالغ فيه والمتمثل في حزم الإنقاذ، والذي لم ينعكس إيجابا على زيادة الطلب.
-
انخفاض المداخيل الخاصة بالعمالة الأجنبية في مختلف أنحاء العالم مما أدى إلى انخفاض المداخيل الوطنية في الدول المحتاجة.