حينما حطّت الحرب العالمية الثانية رحالها، اتضح للعالم أن ميزانين للقوى سيتصارعان على سُدة حكم العالم، وهما الجانب الأمريكي والجانب السوفيتي الشيوعي، وقد قامت الولايات المتحدة الأمريكية ممثلة برئيسها “دوايت أيزنهاور” بالإشارة إلى نظرية الدومينو.
حيث تشير نظرية الدومينو إلى “أنه إذا كانت هناك دولة في منطقة ما تحت النفوذ الشيوعي، فإن الدول المحيطة بها ستخضع لنفس النفوذ عبر تأثير الدومينو”.
وتشير الموسوعة الحرة “ويكبيديا” إلى تأثير الدومينو وتعرفها على أنها “تفاعل تسلسلي يحدث عندما يسبب تغيير صغير تغييراً مماثلاً بجواره والذي بدوره سيحدث تغييراً مماثلاً وهكذا دواليك في تسلسل خطي”
وقد نشأت هذه النظرية من الرحم الأمريكية، بعدما تمكّن “ماوتسي تونغ” بالانتصار في الحرب الأهلية الصينية، ودخول الصين في حيز الحكم الشيوعي عام 1947، فخافت الولايات المتحدة الأمريكية من سقوط الصين في يد الاتحاد السوفيتي ممثلا برئيسها آنذاك “جوسيف ستالين”، ومن ثم توالي سقوط الدول الآسيوية المتاخمة للحدود الصينية والقريبة منها، في يد الشيوعيين.
كما خشيت الولايات المتحدة الأمريكية من امتداد السيطرة الشيوعية على أوروبا، خاصة بعد سيطرة المعسكر السوفيتي على معظم بلدان أوروبا الشرقية، وخاصة مع إعلان استقلال فيتنام عام 1945 من قبل الزعيم الفيتنامي الشيوعي “هو شي مينه” وهو ما فتح باب الحرب مع الجانب الفرنسي، مما دفع الجانب الأمريكي إلى إعلان تقديم المساعدات العسكرية والمالية للجانب الفرنسي.
ولم تقف المساعدات على الجانب الفرنسي، بل قامت بتقديم الدعم المالي لليونان وتركيا، لاحتواء المد الشيوعي في أوروبا والشرق الأوسط.
وبحلول العام 1952 قام مجلس الأمن القومي بإدراج نظرية الدومينو في تقريره عن الهند الصينية، وخاصة بعد خشية الأمريكيين من سقوط دول جنوب شرق آسيا في يد الشيوعيين بعد سقوط الهند الصينية في أيديهم.
هل ستستخدم أمريكا هذه النظرية مرة أخرى مع الصين؟
خلال الأعوام الثلاثة الماضية، طفت على السطح المخاوف الأمريكي من انتشار النفوذ الصين الاقتصادي، وبدأ الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” بحربٍ تجارية مع الصين ، وقام بفرض الغرامات على الصادرات الصينية للولايات المتحدة الأمريكية.
وقد تلا هذه الحرب التجارية، فرضُ العقوباتِ على الشركات الصينية التكنولوجية، وعلى رأسها شركتي هواوي و شركة ZTE، حيث كان الهدف من محاربتهما، استهداف الطموح الصيني في السيطرة على الاقتصاد العالمي.
وازدادت مخاوف الجانب الأمريكي كثيرا، بالتزامن مع جهود الصين في مد علاقاتها الوطيدة مع جميع الأطراف الدولية، القريبة منها والبعيدة، مستفيدة من بناء علاقات سياسية اقتصادية طيبة، إلى جانب العلاقات الطيبة الجيوسياسية، وخاصة مع المعسكر الخلفي للولايات المتحدة الأمريكية، وعلى رأسها فنزويلا.
وهنا يعود التساؤل عن النظرية القديمة التي قامت الولايات المتحدة الأمريكية باستخدامها مع الجانب الروسي الشيوعي، فهل ستعود الولايات المتحدة الأمريكية إلى استخدام “نظرية الدومينو”؟ وهل ستستخدمها في التدخل مع الأطراف الأخرى لتحد من المد الاقتصادي الصيني؟
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية