لقد مات الرجل الذي حمل لقب صاحب أكبر عملية سرقة في التاريخ، معتمدا على آلية عملٍ تشبه إلى حد كبير مخططَ تشارلز بونزي، وفيما يلي مقالة عن بيرني مادوف وأكبر سرقة بالتاريخ وكيف حدثت من خلال المبادئ السرية الأربعة التي اعتمد عليها مادوف طيلة ثلاثين عاما تقريبا.
اعتمد مخطط بونزي الذي حدث في عشرينيات القرن الماضي على طمع البشر، وذلك حينما قام تشارلز بونزي باستدراج المستثمرين من خلال بيعهم لطوابع بريد جوي بهدف الربح الوهمي على عمليات لم تحدث أساسا.
حيث أخذ مخطط مادوف بروح مخطط بونزي لأقصى الحدود، حينما استطاع خداع آلاف المستثمرين بقيمة قدرت بـ65 مليار دولار.
حيث تم اكتشاف هذه السرقة في أعقاب الأزمة المالية التي حدثت عام 2008.
وقد كشفت التحقيقات عن أن عملية السرقة كانت مستمرة منذ بداية التسعينيات.
بيرني مادوف وأكبر سرقة بالتاريخ : المبادئ الرئيسية الأربعة !!
تساءل الكثيرون عن كيفية نجاح استمرار هذه السرقة لمدة ثلاثين عاما تقريبا، وعدم اكتشافها من قبل المستثمرين أو المحللين.
وفيما يلي المبادئ الأساسية التي مكّنت مادوف من السرقة لهذه السنوات:
المبدأ الأول. التنظيم والاتساق!
أشارت التحقيقات إلى أن مخطط مادوف، كان متسقاً بشكل عجيب، بحيث التزم مادوف بتنظيم سجلات ضحاياه بشكل مميز.
بل إنه كان حريصاً على تقديم بيانات وهمية منظمة للعملاء، بشكل لا يثير الشك لدى من يسحب ماله أو يودعه.
بل وصلت أمور التناسق والتنظيم لدى مادوف، بأنه قام بجعل العوائد المنتظمة.
بحيث يستحيل إثبات الخطأ في العوائد من خلال تحليل الأسواق، أو تحليل الاستثمار الفني نفسه.
كما أن مادوف لم يكن يستهدف العملاء الجشعين؛ حيث كان يدفع المستثمرين إليه من خلال بناء الثقة والضمان.
وذلك من خلال إثباته لهم بأن مدخراتهم لديه ستذهب نحو الربح بشكل مطرد وعقلاني.
المبدأ الثاني. لا تهتم بكل العملاء!
تمثل هذا المبدأ، بأن مادوف لم يكن كباقي المحتالين؛ حيث لم يكن يقنع أي أحد بالاستثمار لديه.
بل إنه كان يشير إلى اكتفائه بما ليده من استثمارات، لدرجة أنه كان يعتذر عن مساعدة من يقصده في تنمية مدخراته.
وهذا المبدأ الفريد، يدفع العملاء أو المستثمرين، إلى الشعور بالتميز لمجرد قدرتهم على الدخول في استثمارات مادوف.
المبدأ الثالث. لا تكرر نفسك أبدا لسببين اثنين!
أما عن المبدأ الفريد الآخر، فتمثل بطريقة تحدثه عن استراتيجيته الاستثمارية في الأماكن والمناسبات العامة.
حيث كان مادوف مصرا على عدم تكرار نتائجه، أو تكرار طريقة استثماره، حتى لا يقوم أحد بتقليده.
ولا يمثل هذا المبدأ حرصا من مادوف على إبعاد المنافسة في الاستثمارات، بل يمثل حرصا منه على عدم تقليديه وتمكين الآخرين من اكتشافه.
المبدأ الرابع. الصورة الذهنية و الغطاء الخارجي مهم جدا!
تمثل مبدأه الآخر، بالأشخاص الذين كان يستميلهم نحو استثماراتهم، حيث استمال الجمعيات الخيرية والجماعات الدينية المهمشة.
بحيث قصد مادوف من هذا المبدأ تحقيق أمرين؛
الأول أنه من الصعب تصديق قيام شخص للجمعيات الدينية أو الخيرية.
والآخر هو صنع صورة فاضلة حول مادوف، تجعل من الصعب تصديق أن مثل هذا الرجل قادر على السرقة.
بل إن مادوف قام بتغطية أدائه، من خلال مناصبه الحساسة التي حرص على أن يكون فيها؛ ليضفي على نفسه غطاء الشرعية المهنية.
حيث أدار مادوف شركة سمسرة، ثم ترقى إلى منصب رئيس مجلس إدارة ناسداك نفسها.
لقد ساعدت هذه المبادئ مادوف على أن تجعل من سجل بياناته، سجلا غير قابل للاكتشاف من قبل المدققين.
حيث اعترف المدققون في إقراراتهم بعدم قدرتهم على اكتشاف بياناته، حينما قالوا:
“لقد كانت أرقامه جيدة جدا لدرجة يصعب التشكيك فيها، وكنّا نشك فقط في عمليات غسل الأموال أو الإتجار بالممنوعات، وهو ما كان صعب إثباته آنذاك”.
بينما أشار البعض إلى أن مادوف، ما كان سوى غطاء لعمليات أكبر لمؤسسات أعمق، وهو سبب أن البنوك كانت تتغاضى عن عملياته.
حيث قال أحد أكثر الأصوات نفوذا في وول ستريت بارون، بأنه شك في تصرفاته وأرقامه منذ عام 2001 ولكنه لم يستطع النيل منه وفقا لما أشارت إليه وكالة بلومبيرغ.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية