الفرق بين تخفيض سعر صرف العملة وانخفاضها وأسرار نجاح الصين في ذلك

غالبا ما يهتم الناس بالاستماع إلى أخبار العملات والتنبؤات الخاصة بها، من حيث الارتفاع أو الانخفاض أمام العملات الرئيسية الأخرى، وفيما يلي سنعرف ونفرق بين مصطلحين مهمين وهما تخفيض سعر صرف العملة وانخفاضها، وأسباب كل واحد منهما وأمور أخرى.

لكن وقبل الدخول في توضيح هذين المصطلحين، لابد لنا من التفريق بين أمرين مهميّن بشكل كبير.

حيث لابد من معرفة أن هناك عملات مرتبطة بعملة رئيسية أو سلة من العملات بسعر صرف ثابت ومحدد.

وأن هناك عملات عائمة (لا تمتلك سعر صرف ثابت ومحدد؛ بحيث تتحدد قيمتها وفقا لعوامل العرض والطلب وظروف اقتصادية أخرى).

وبالنهاية فإن انخفاض أو تخفيض قيمة العملة، هو باختصار: انخفاض شهية الإقبال على هذه العملة من قبل الآخرين للعديد من العوامل التي سيتم ذكرها في هذه المقالة.

تخفيض سعر صرف العملة
تخفيض سعر صرف العملة وانخفاضها

مفهوم تخفيض سعر صرف العملة وانخفاضها والفرق بينهما؟

تخفيض العملة:

يعرف التخفيض باللغة الانجليزية (Devolution)، وهو أمر مقصود من قبل الحكومة، بهدف جعل العملة أقل قيمة أمام العملات الرئيسية.

انخفاض العملة:

وعلى النقيض من التعريف الأول، يأتي انخفاض العملة، والذي يعرف باللغة الانجليزية على أنه (Depreciation)، وهو تراجع في قيمة عملة ما نتيجة عوامل العرض والطلب، أو ما يعرف بتعويم العملة (جعلها عائمة وعُرضَة لقوى العرض والطلب).

وبمعنى آخر فإن الانخفاض هو أمرٌ خارجٌ عن إرادة الدولة والسلطات؛ حيث يأتي نتيجة تفاعل حر للعديد من العوامل في سوق النقد.

أسباب تخفيض سعر صرف العملة وانخفاضها
أسباب تخفيض سعر صرف العملة وانخفاضها

أسباب تخفيض وانخفاض العملة:

تحدثنا عن أن الانخفاض هو أمر يحدث تبعا للعديد من تفاعل العوامل في سوق النقد بشكل حر.

وأهم هذه العوامل الاقتصادية هو:

  • أسعار الفائدة المفروضة من قبل البنوك المركزية المختلفة.

  • عدم الاستقرار السياسي في بلد العملة.

  • نفور المستثمرين المحتملين، وخروج المستثمرين الحاليين من البلد.

  • برامج التسهيل الكمي المتبعة والتي تعمل على ضخ العملة في الدولة وانخفاض قيمتها بالنتيجة.

  • العقوبات المالية والسياسية المفروضة على الدولة.

أما عن أسباب تخفيض العملة فيعود إلى أسباب اقتصادية مختلفة، ولكنها تصب في رؤية الدولة وهدفها الخاص بالاستقرار الاقتصادي.

حيث تقوم الدول بتخفيض عملتها لمعالجة العجز في الميزان التجاري، وذلك من خلال تشجيع الصادرات عبر تخفيض تكلفتها.

كما تلجأ الدولة إلى تخفيض عملتها لمعالجة ارتفاع معدلات التضخم، حيث تسعى الدولة إلى معالجة التضخم حتى لا يؤدي إلى الإضرار بصادراتها.

أما عن العامل المشترك الذي قد يعمل على تخفيض العملة أو انخفاضها، فيتمثل بالخطاب السياسي.

حيث قد تقوم دولة ما بإلقاء خطاب سياسي معيّن تدفع إلى تخفيض عملتها بشكل مقصود.

بينما قد تقوم دولتان (كما هو الحال بين أمريكا والصين) بحرب كلامية تتعلق بعملة بعضها البعض مما يؤدي إلى انخفاضها.

إلا أن هناك من يجد في الخطابات السياسية عاملا للانخفاض لا للتخفيض، إذ قد يقود خطاب لدولة ما إلى انخفاض عملة في بلد أخرى بشكل خارج عن إرادتها.

الصين نجحت في تخفيض عملتها لسببين رئيسيين

المآخذ على تخفيض الدولة لعملتها؟

أشرنا إلى أسباب تخفيض الدولة لقيمة عملتها، وأن الدولة تقوم بذلك لمصلحة الاقتصاد الوطني لديها، إلا أن هناك من يشير إلى أن العلاقة بين التخفيض وتحسين الوضع الاقتصادي ليس أمرا حتميا.

حيث يجب أن تتم عملية تخفيض العملة مصحوبةً بمجموعة من العوامل والمحددات.

فإذا نظرنا إلى التجربة الصينية الأشهر على صعيد تخفيض قيمة العملة، فإننا سننظر إلى عاملين رئيسيين قامت بهما الصين:

أولا. قوة القدرة الإنتاجية على الصعيد البشري والمادي، لمواكبة الصادرات الخارجية من جانب، وتوفير الإنتاج المحلي القادر على سد فجوة ارتفاع قيمة الواردات على أبناء الوطن.

ثانيا. المرونة السعرية للصادرات والواردات، بمعنى أن يعمل أي تخفيض في العملة على زيادة الإقبال على منتجات وسلع الدولة.

بينما ينتقد الآخرون اسلوب تخفيض العملة؛ حيث يعتقدون بأن لهذا الإجراء تأثير سلبي على الاقتصاد وذلك لما سيتسبب به من تضخم كبير.

ورأيهم في ذلك صائب في حالات غير متزنة لدى بعض الدول التي لا تقرن إجراء تخفيض عملتها بالعوامل الأساسية مثلما فعلت الصين.

حيث أن تخفيض قيمة العملة سيؤدي إلى ارتفاع قيمة العملة الأجنبية بالمقابل، وبالتالي استيراد المواد الأولية اللازمة للإنتاج المحلي بأسعار مرتفعة.

وبالتالي ارتفاع اسعار السلع المحلية مما سيؤدي إلى حدوث ارتفاع سعري على السلع ثم حدوث معدل تضخم غير مرغوب.

أما في حالة الصين التي ذكرناها سابقا، فإنها قامت بالتركيز على الانتاج المحلي وفقا للقوة البشرية والمادية الداخلية بشكل كبير.

كما قامت بسن تشريعات حماية وطنية سعرية، ودعم حكومي عام، وتوسيع قاعدة الصادرات عالميا بشكل كبير.


مصادر المقالة:

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية